إعادة تقديم الكلاسيكيات.. إحياء للتراث أم إفلاس فكري؟
أثار إعلان تجسيد الفنانة غادة عبد الرازق لشخصية تحية كاريوكا في فيلم "شباب امرأة" جدلاً واسعاً، هذه الشخصية التي تعتبر من أيقونات السينما المصرية الكلاسيكية، وطرح تساؤلات حول ما إذا كان إعادة تقديم مثل هذه الأعمال يعد محاولة لإحياء التراث الفني أم أن ذلك يعكس حالة من الإفلاس الفكري؟.. هذا ما ناقشته "النهار" مع نقاد الفن.
قال الناقد كمال القاضي إن تناول الدراما التلفزيونية للموضوعات الكلاسيكية هو تجربة تم اختبارها سابقًا في العديد من الأعمال، مثل "رد قلبي" و"الزوجة الثانية" و"العار"، وأثبتت فشلها في معظم الأحيان.
وأشار إلى أن الهدف الأساسي من تحويل الأفلام إلى مسلسلات هو الاستفادة من النجاح الجماهيري الذي حققته الأفلام، إلا أن المشكلة تكمن في المقارنة التي يعقدها الجمهور تلقائياً بينهما والتي تنتهي دائمًا لصالح الفيلم، قائلاً: "لا يوجد منطق في تقديري لعمليات الاقتباس المتكررة برغم فشلها سوى الرغبة في إفساد الذائقة الشعبية والتشويش على الأعمال الكلاسيكية القيمة التي يحفظ الجمهور تفاصيلها عن ظهر قلب".
وأضاف القاضي أن إصرار الجهات الإنتاجية على تكرار هذه التجارب الفاشلة يؤدي في النهاية إلى تشويه العمل الأصلي بإضافات ركيكة على السيناريو، لافتًا إلى أن الجمهور دائمًا ما يبحث عن الأصل ولا يهتم بالنسخ المقلدة، موضحًا أن الأمر يكمن في محاولة إحدى النجمات صنع تاريخاً لنفسها على حساب أخرى سبقتها في الإبداع بعشرات السنين وحفرت في الصخر لتحقق مكانة مرموقة لها كممثلة، وهذه تعد عملية سطو على إبداع الغير لن ينتج عنها سوى الخسارة.
ويرى أن ذلك يمثل عجزًا وإفلاسًا فكريًا، ومن ثم لا يمكن التعويل على مثل هذه التجارب في تحسين المستوى الدرامي، مؤكدًا أن الجمهور لن يصدق أن تحل غادة عبد الرازق محل تحية كاريوكا، أو أن أي ممثل آخر يمكن أن يضاهي تألق شكري سرحان أو باقي أبطال "شباب امرأة".
ووافقه الرأي الناقد أحمد سعد الدين قائلاً إن تحويل الكلاسيكيات إلى أعمال جديدة يعد إفلاسًا فكريًا، مشيرًا إلى أن "شباب امرأة" شارك فيه عمالقة الفن وحقق نجاحًا كبيرًا، وأي مقارنة بين الممثلين الجدد وفريق عمل الفيلم ستكون في غير صالح الجيل الحالي.
ووصف كاتب السيناريو الذي يعيد إنتاج الأعمال القديمة بأنه "مفلس"، لا يقدم جديدًا وإنما يعتمد على استنساخ الكلاسيكيات، ناصحًا الكتّاب الذين يعانون من إفلاس فكري بإعادة تأهيل أنفسهم.
وخالفهما الناقد طارق الشناوي قائلاً إن إعادة تقديم الكلاسيكيات ليست مشكلة في حد ذاتها، فهناك العديد من الأعمال في الدراما العربية والعالمية أُعيد تقديمها، مشيرًا إلى أن هناك شرطين أساسيين لإتمام ذلك وهما ترحيب المجتمع بالفكرة وموافقة الرقابة.
ولفت إلى أن الحالة الدرامية لـ "شباب امرأة" من الصعب أن تحظى بموافقة الرقابة ولن يقبلها المجتمع المصري في الوقت الراهن، موضحًا أنه حتى لو حصل العمل على موافقة الرقابة، فستكون بشروط تقضي على الفكرة الأساسية.
ورغم تلك التحفظات، أكد الشناوي أن تقييم الأعمال يأتي بعد تنفيذها، لذا لا يمكن منع كاتب أو فنان من خوض تجربة أو الحكم عليها مسبقًا.