ثورة في النقل.. سيارات جديدة تهدد التوك توك
في ظل التطورات المتسارعة في قطاع النقل، يبدو أن التوك توك، الذي كان يوماً ما رمزاً للشباب والطموح في المدن الكبرى والأحياء الشعبية، قد يواجه تهديداً غير مسبوق، فأعلنت وزارة الإنتاج الحربي عن إدخال سيارات جديدة تعمل بالغاز والبنزين كبديل للتوك توك، في خطوة يُنتظر أن تُعيد تشكيل ملامح سوق النقل الفردي في المنطقة.
مع تزايد الاهتمام بالحلول البيئية والاقتصادية، تقدم هذه السيارات البديلة بديلاً يُحتمل أن يكون أكثر كفاءة وأقل تكلفة على المدى الطويل، ومع ذلك، يظل السؤال الأهم: هل ستتمكن هذه السيارات من اقتلاع التوك توك من مكانته في السوق، أم أن التوك توك سيظل الخيار المفضل للعديد من المستخدمين؟
تستعرض "جريدة النهار"، تأثير هذه الابتكارات الجديدة على سوق التوك توك، وتلقي الضوء على كيفية استجابة السوق لهذه التحديات، وما الفروق الاقتصادية والتشغيلية بين التوك توك والسيارات البديلة، ونعرض آراء المتخصصين والمستخدمين لمعرفة كيف يمكن أن تتطور مشهد النقل في الفترة القادمة.
أرقام التوك توك..
وفقاً لما أعلنه مجلس الوزراء منتصف العام الماضي، فإن عدد مركبات التوك توك المرخصة لا يتجاوز 10% من إجمالي المركبات في 22 محافظة، تسعى الحكومة المصرية إلى إدخال مركبات التوك توك ضمن مبادرة إحلال السيارات للعمل بالغاز الطبيعي، حيث سيتم استبدالها بسيارات ميني فان تعمل بالغاز، وكشفت بيانات الإحصاء أن عدد مركبات التوك توك المرخصة في محافظة القاهرة لا يتجاوز 8 مركبات، بينما يوجد فقط توك توك واحد مرخص في محافظة بورسعيد.
توك توك اقتصادي..
رغم الانتشار الواسع لمركبات التوك توك في مختلف أنحاء مصر، أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أن عدد التوك توك المسجل على مستوى الجمهورية بلغ 243,661 مركبة فقط حتى يونيو 2020، وفي ظل هذه الأرقام، أكدت السيدة نيفين جامع، وزيرة التجارة والصناعة، أن المركبة الجديدة التي تعمل بمحرك ثنائي النظام ستقلل من تكاليف النقل والتشغيل، وتدعم جهود الدولة لتطوير وسائل النقل وجعلها أكثر صداقة للبيئة.
وأضافت جامع أن استخدام الغاز الطبيعي كوقود يسهم في تقليل التلوث البيئي، بما يعزز الحفاظ على البيئة ويقلل الانبعاثات الضارة، من جهته، أكد محمد عيد بكر، المستشار الإعلامي لوزير الإنتاج الحربي، أن المركبة الجديدة مناسبة للأماكن الضيقة والطرق غير القياسية، وقادرة على قطع مسافة تصل إلى 550 كم دون الحاجة لإعادة ملء الوقود، ما يعزز من كفاءتها واستدامتها.
نقل مبتكر..
قال خالد الشافعي الخبير الأقتصادي، إن إدخال هذه السيارات البديلة سيؤدي إلى تقليل الطلب على التكاتك المستوردة، مما سيسهم في تقليل استنزاف العملة الأجنبية، على الرغم من أن تكاليف التشغيل والصيانة قد تكون مرتفعة قليلاً، فإن الفوائد المتوقعة ستكون كبيرة، السيارات البديلة ستعزز من الأمان وتدعم النمو الاقتصادي، وستوفر بديلاً محلياً مناسباً يقلل من الحاجة للاستيراد، ومع انتشار مراكز الصيانة وتوفير التدريب للورش المحلية، ستكون صيانة هذه السيارات أقل تكلفة وفعّالة.
وأوضح "الشافعي"، في تصريحات لـ"النهار"، من المتوقع أن تكون تكلفة تشغيل وصيانة السيارات البديلة مشابهة لتكاليف التوكتوك، بل قد تكون أقل في بعض الحالات، نظرًا لأن هذه السيارات ستعمل بالغاز والبنزين، فإن تكاليف التشغيل ستكون معقولة، ومن المتوقع أن توفر صيانة هذه السيارات أيضاً تكاليف أقل مقارنة بالتوكتوك، من المهم أن يتم تعزيز وجود مراكز صيانة متخصصة لتلبية احتياجات الصيانة والتشغيل، مما سيجعلها خيارًا جذابًا للمواطنين.
وأنهي الخبير الأقتصادي حديثه قائلا: في النهاية بفضل دعم الدولة وتشجيعها للصناعات المحلية، نؤمن بأن هذه السيارات البديلة ستقدم حلاً فعالاً ومناسباً لتلبية احتياجات النقل، هذا الابتكار المحلي ليس فقط سيحسن وسائل النقل ولكن أيضاً سيساهم في توفير بديل اقتصادي وصديق للبيئة للتوكتوك، نحن على ثقة بأن المصريين قادرون على تحقيق نجاحات كبيرة في هذا المجال، مما سيكون له تأثير إيجابي على المجتمع والاقتصاد في المستقبل القريب.
بديل التوك توك..
قال اللواء حسين مصطفي الرئيس التنفيذي السابق لرابطة مصنعي السيارات وعضو الشعبة العامة للسيارات بالاتحاد العام للغرف التجارية، تستطيع الصناعة المصرية تصنيع بديل للتوك توك، وهو السيارة التي تم الإعلان عنها مؤخرًا، هذه السيارة تعمل بالبنزين والغاز وتم الإعلان عن تصنيعها في مصانع وزارة الإنتاج الحربي بالتعاون مع إحدى شركات القطاع الخاص التي تمتلك توكيل هذه السيارة، وليس من المستغرب أن يكون هناك تعاون بين مصانع الحكومة والقطاع الخاص، حيث تعتبر هذه الشراكة جزءًا من توجهات الدولة لتعزيز دور القطاع الخاص.
وأشار "مصطفي"، في تصريحات لـ"النهار"، ستبدأ عملية تصنيع السيارة البديلة للتوك توك بمرحلة استيراد عدد من السيارات لاختبارها، إلى جانب استيراد المكونات اللازمة لبدء عملية التصنيع المحلي. من المتوقع أن يكون هناك طلب كبير على هذه السيارة كبديل للتوك توك، لكنها لن تكون سيارة كهربائية للاستخدام العام، نظراً لسرعتها المحدودة التي تتراوح بين 60 و 76 كيلومترًا في الساعة، مما يتطلب استخدامها في أماكن وممرات محددة بدلاً من الطرق الرئيسية، ومن المؤكد أن السيارات التي تعمل بالغاز ستوفر في استهلاك الوقود مقارنة بالتوك توك، كما ستكون أقل تلويثًا للبيئة بسبب تقليل نسبة الغازات الضارة الناتجة عن احتراق الوقود البترولي.
وأكد الرئيس التنفيذي السابق لرابطة مصنعي السيارات، مدى انتشار السيارات البديلة للتوك توك سيعتمد بشكل كبير على سعرها في السوق، حيث من المتوقع أن يكون أعلى من سعر التوك توك الذي يعمل بالبنزين، نظرًا لمواصفاتها الإضافية مثل الأبواب التي تعزل الركاب عن الجو الخارجي، ستحدد المعادلة بين جودة المواصفات والتكلفة النهائية مدى جاذبيتها مقارنة بالتوك توك، في مصر، هناك حوالي 3.5 مليون توك توك حاليًا، ما يعني أن تغطية هذا العدد بالسيارات البديلة ستحتاج إلى سنوات متعددة وتطلب خطوط إنتاج كبيرة، لذا، سيكون من الضروري متابعة نتائج التجارب والتطورات في الشراكة بين الأطراف المعنية لتحديد نجاح وانتشار هذه السيارات.
وأنهي عضو الشعبة العامة للسيارات بالاتحاد العام للغرف التجارية حديثه قائلا: تواجه صناعة السيارات المصرية أزمات كبيرة نتيجة الظروف الاقتصادية العالمية وتأثيرها على الاقتصاد المحلي، بما في ذلك توقف قناة السويس والتوترات الإقليمية، منذ فبراير 2022، توقفت استيراد السيارات وقطع غيار خدمة ما بعد البيع، مما أثر سلبًا على استيراد مكونات الإنتاج المحلي، نتيجة لذلك، انخفض الإنتاج إلى 22 ألف سيارة فقط في النصف الأول من العام، مقارنة بـ120 ألف سيارة في السنوات السابقة، هذا الوضع أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في الأسعار، مما يجعل اقتناء سيارة مكلفًا للغاية ويضر بقدرة شريحة كبيرة من المستهلكين على الشراء، كما يهدد الاستثمارات في القطاع.