فيديو| مسار العائلة المقدسة بالبحيرة..رحلة بركة لم تنساها أديرة وادي النطرون..وأقدمهم دير الأنبا بيشوي عمره 1600 سنة
"مريم العذراء" الأم البتول التي كرمها القرآن الكريم لتكون أمًا لنبي الله عيسى عليه السلام، أطهر إمرأة على وجه الأرض معجزتها ومدة حملها ووضعها يعجز اللسان عن وصفها و يصعب على العقل البشري تفسيرها، ولكنها قدرة الخالق الذي لا يعجزه شيئًا في الأرض ولا السماء، ولادة المسيح وتحدثه وهو طفل رضيع ليطمئن والدته بأنها إرادة الله وأنه المسيح عيسى نبي الله، هدية وتكريمًا من رب العالمين "لمريم ابنة عمران".
وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا.. فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا.. قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا.. قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا.. قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا.. قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا.. فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا"، هذه بعض آيات الذكر الحكيم من سورة مريم، والتي تصف معجزة وتكريم الله لمريم العذراء، بعدما ظلم أهلها من الظنون في حملها بدون زواج والاضطهاد التي تعرضت له، لينصرها الله عزوجل أمام العالم أجمع ولتكون قصتها عبرة لقدرة الخالق عزوجل وعدله في نصرة المظلوم.
مسار العائلة المقدسة بمصر ومرورها بالبحيرة
حاملة طفلها الرضيع بين ذراعيها، تتنقل به من مكان لآخر على حمارًا كان وسيلة سفرها الوحيدة ذلك الحين، مضت رحلة ثلاثة سنوات قطعت خلالها ألفي كيلو مترا، ليطلق على رحلتها بـ "مسار العائلة المقدسة" والتي بدأت من بيت لحم في فلسطين إلى دير المحرق بمحافظة أسيوط، إحدى محافظات صعيد مصر.
عبرت مريم العذراء وطفلها المسيح عيسى عليه السلام، ومعهم يوسف النجار، رحلة من الأشواك مليئة بالآلام والصعاب، ولكن إيمانها بالله وأمانتها في الحفاظ على روح طفلها هدية الله، كان حافزًا لتحمل متاعب الرحلة، حتى وطأت قدمها الطاهرة في أرض مصر وتحديدًا دير المحرق هربًا من الحاكم الروماني الظالم "هيردوس" لاضطهاده أطفال بني إسرائيل.
ودخلت العائلة المقدسة مصر من خلال صحراء سيناء بالناحية الشمالية من جهة الفرما الواقعة بين مدينتي العريش وبورسعيد، بعدما سارت من بيت لحم إلى غزة حتى وصلت محمية الزرانيق على بُعد 37 كم غرب العريش، ثم وصلت لمدينة تل بسطا بالزقازيق في محافظة الشرقية، والتي كانت في وقتها تعج بالأوثان وعند وصول العائلة المقدسة سقطت تلك الأوثان أرضًا، ولكن عاملهم أهل المدينة معاملة قاسية، فتركوها وانتقلوا إلى جهة الجنوب حتى وصلوا بلدة مسطرد – المحمة والتي تبعد عن القاهرة بـ10 كم، وسميت بالمحمة نسبة بأن السيدة مريم العذراء أحمت المسيح عليه السلام بها وغسلت ملابسه.
وانتقلت العائلة المقدسة من مسطرد إلى بلبيس بالشرقية، واستظلت عند شجرة، اطلق عليها شجرة العذراء مريم، ثم سارت لمدينة سمنود واستقبلهم أهلها استقبالاً حسناً، ثم إلى مدينة سخا بكفر الشيخ، ومنها عبرت العائلة المقدسة نهر النيل، تحديدًا فرع رشيد، ثم وصلت إلى وادي النطرون بمحافظة البحيرة، ومنها ارتحلت لمدينة القاهرة ثم المطرية وعين شمس ومنطقة الزيتون، ثم انتقلوا إلى منطقة المعادي أحد ضواحي منف عاصمة مصر القديمة، ثم سارت لمركز مغاغة ثم البهنسا غرب بني مزار بالمنيا، ثم وصلت لسمالوط ومنها عبرت النيل ناحية الشرق، وغادرت منطقة جبل الطير ثم وصلت لأشمون بمحافظة المنوفية، ثم وصلوا لدير المحرق ومكثوا فيه ستة أشهر وعشرة أيام، وفيه جاءت البشارة ليوسف النجار في حلم قائلاً "قم وخذ الصبي وأمه واذهب أرض فلسطين لأنه قد مات الذين كانوا يطلبون نفس الصبي".
دير الأنبا بيشوي عمره 1600 عامًا..أقدم أديرة وادي النطرون بالبحيرة
التقت عدسة "جريدة النهار المصرية" بالراهب "نوفير الأنبا بيشوي" مسؤول الزيارات بالدير، ليتحدث عن مسار العائلة المقدسة بالبحيرة ودير الأنبا بيشوي أقدم أديرة مصر، والتي يقع في وادي النطرون بمحافظة البحيرة، قائلاً: يتوسط الدير القاهرة والإسكندرية ويقع في شمال الدلتا، وأنشئ في القرن الرابع الميلادي وعمره 1600 سنة، أسس الدير القديس العظيم الأنبا بيشوي والذ ولد في محافظة المنوفية عام 320 ميلاديا، بقرية شنشنة الحجر، ترك العالم وأصبح راهبًا وهو بعمر الـ20 عامًا، وذهب إلى دير أبو مجار وظل يتتلمذ لأكثر من 35 عامًا، ثم جاء إلى الدير هنا وأسس 3 أشياء رئيسية، أولهم الكنيسة الأثرية وهي أكبر كنائس وادي النطرون مساحة، والثاني هو بئر الشهداء بعمق 12 متر، والثالث أسس مغارته بدير السوريان.
وتابع الراهب: عرف الأنبا بيشوي برجل الصلاة، ويوجد بالدير متحفًا كاملاً لكل ممتلكات البابا شنودة الثالث وأيضًا دفن هنا بالدير، وتباركت وادي النطرون بمرور العائلة المقدسة عليها، وبسببها ظهرت الأديرة وأصبحت من أشهر وأقدم الأديرة بمصر.