رئيس جمعية مطوري القاهرة الجديدة والعاصمة الإدارية: خطة الاستدامة التي وضعتها الحكومة في عام 2016 ضاعفت المساحة المأهلة بالسكان من 7 لـ 14 %
العاصمة الإدارية ليست مجرد مدينة جديدة، بل هي جزء من منظومة أكبر تشمل 37 مدينة من مدن الجيل الرابع
التحدي الأكبر الذي واجه المطورين كان تقلبات سعر الصرف، عندما تعرض الجنيه المصري للتعويم في مارس 2022
أكد المهندس محمد البستاني رئيس جمعية مطوري القاهرة الجديدة والعاصمة الإدارية، أنه تم تحقيق طفرة في المناطق المأهلة بالسكان من 7 لـ 14 % خلال السنوات القليلة الماضية، وذلك بعد إطلاق الحكومة خطة التنمية المستدامة وذلك بعد تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي.
وأضاف البستاني، القطاع العقاري في مصر كان وما زال أحد أهم الاستثمارات الآمنة والمثمرة، ومصر تشهد ازدهاراً في المشاريع، وهناك طفرة تحدث في مدن مثل العالمين والساحل الشمالي، وهذه المدن الجديدة تعتبر محطات استثمارية واعدة، والقطاع العقاري يلعب دوراً كبيراً في دعم القطاع السياحي، خاصة مع العجز الحالي في عدد الغرف الفندقية الذي لا يقل عن 400 ألف وحدة فندقية.
إلي نص الحوار
في البداية كيف تقيم تأثير العاصمة الإدارية الجديدة على سوق العقارات في مصر؟
العاصمة الإدارية الجديدة تُعد أحد المشاريع الرئيسية التي تعكس التوجه الاستراتيجي لمصر نحو التنمية المستدامة، عندما نعود إلى الوراء، نجد أن بداية هذا التحول كان من خلال خطة التنمية المستدامة التي وضعتها الحكومة في عام 2016 بعد تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتهدف هذه الخطة إلى مضاعفة المساحة المأهولة بالسكان من 7% إلى 14%، وهو ما يعادل ما تم تحقيقه خلال 7,000 سنة في فترة لا تتجاوز 8 سنوات.
الاستدامة، التي تعني الحفاظ على البيئة والثروات الطبيعية للأجيال القادمة، أصبحت حجر الزاوية في كل مشاريعنا العمرانية، وقد بدأت مفاهيم الاستدامة بالظهور عالميًا في الثمانينيات، حيث تم التركيز على تقليل الانبعاثات الكربونية وتأثيرها على البيئة، وفي مصر، أصبحت الاستدامة العمرانية من الأولويات، وهذا ما نشهده في مشاريع العاصمة الإدارية الجديدة.
العاصمة الإدارية ليست مجرد مدينة جديدة، بل هي جزء من منظومة أكبر تشمل 37 مدينة من مدن الجيل الرابع، هذه المدن لا تقتصر فقط على تحقيق التنمية المستدامة والمدن الذكية، بل تستند أيضًا إلى إرث من التطوير بدأ مع تأسيس هيئة المجتمعات العمرانية في عام 1979، المدن مثل 6 أكتوبر والعاشر من رمضان كانت تجارب سابقة، ولكنها واجهت تحديات في التخطيط نتيجة لعدم توفر التكنولوجيا الحديثة التي نعتمد عليها اليوم.
بالنسبة للقاهرة الكبرى، فقد أصبحت مكتظة بشكل لا يتناسب مع القدرة الاستيعابية للبنية التحتية فيها، مما دفعنا للتفكير في إنشاء عاصمة جديدة تليق بتاريخ ومكانة مصر، العاصمة الإدارية الجديدة توفر حلاً استراتيجيًا، فهي ليست فقط مركزًا إداريًا جديدًا بل مدينة ذكية تتضمن مساحات خضراء كبيرة، مسارات مخصصة للدراجات، أنظمة لإعادة تدوير المخلفات، ومعايير عالية للتنمية المستدامة. نحن الآن في مرحلة جني ثمار هذه الخطوات الجريئة، التي بدأت تؤتي ثمارها، كما يتضح من صفقة رأس الحكمة التي جلبت لمصر استثمارات بقيمة 35 مليار دولار.
ما هي التحديات التي تواجه المطورين العقاريين في القاهرة الجديدة والعاصمة الإدارية؟
التحدي الأكبر الذي واجه المطورين كان تقلبات سعر الصرف، عندما تعرض الجنيه المصري للتعويم في مارس 2022، ارتفع سعر الدولار بشكل كبير من 16 جنيه إلى 70 جنيه في فترة قصيرة، مما أثر بشدة على تكلفة الإنشاءات والمشاريع العقارية، هذا التحدي جاء في ظل ظروف أخرى مثل جائحة كورونا، التي أثرت بدورها على عمليات البناء والتطوير.
رغم هذه التحديات، فإننا نرى فرصًا كبيرة أمام المطورين خلال الأعوام المقبلة، خاصة مع توجه الدولة نحو تطوير الاستثمار العقاري بشكل طموح، مصر تشهد زيادة سكانية ضخمة، مع ارتفاع عدد السكان بنحو 25 مليون نسمة في العقد الماضي، مما يفرض علينا ضرورة تلبية احتياجات سكنية كبيرة، إضافة إلى ذلك، تدفق أعداد كبيرة من الوافدين من دول مثل سوريا، السودان، ليبيا، العراق، واليمن، الذين بلغ عددهم نحو 10 ملايين، تطلب منا استيعابهم وتأمين مساكن مناسبة لهم.
كيف تعاملت الدولة مع تحديات ارتفاع تكلفة الإنشاءات وجذب الاستثمار الأجنبي في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية؟
الدولة كانت واعية للتحديات الاقتصادية وواجهتها من خلال تخطيط استراتيجي طويل الأمد، عمليات التخطيط لم تكن تقتصر فقط على المساحة الجغرافية، بل تضمنت أيضًا رؤية شاملة للتوسع الحضري وتوزيع الكتل السكانية بشكل استراتيجي لحماية الأمن القومي، مثل تطوير سيناء والسويس والمدن الساحلية، هذا التخطيط مكن مصر من توفير بنية تحتية قوية جذبت الاستثمارات الأجنبية، كما حدث مع صفقة رأس الحكمة التي تعتبر أحد أكبر الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر.
الرئيس عبد الفتاح السيسي كان على دراية بأن هذه القرارات قد تكون غير شعبية في البداية، لكنه أصر على اتخاذها لأن مستقبل مصر يعتمد على تأسيس بنية تحتية قوية وخلق بيئة استثمارية مستدامة، نحن الآن نرى نتائج هذه القرارات في شكل مشروعات عملاقة واستثمارات ضخمة تدخل البلاد، مما يعزز الثقة في المستقبل الاقتصادي لمصر.
كيف ترى دور جمعية المطورين في تسهيل الأعمال وتحقيق التنمية المستدامة في المنطقة؟
تأسست الجمعية منذ خمس سنوات، وهي تأتي في وقت يشهد فيه قطاع التطوير العقاري نمواً متسارعاً، بدأنا العمل في القاهرة الجديدة منذ أكثر من عشرين عاماً، ومن هنا جاء التفكير في التعاون بين جميع المطورين العقاريين، نحن المطورين العقاريين نعتبر الذراع التنفيذية للدولة، وجاءت فكرة جمعية المطورين للحفاظ على أصول المهنة ودعم الشباب الجديد في هذا المجال.
أهمية الجمعية تكمن في توفير منصة للتعاون وحل النزاعات بين الشركات، كما أن لنا صوتاً مسموعاً أمام الدولة من خلال مقاعد في شعبة الاستثمار العقاري، والغرف التطوير العقاري، علاقتنا بالعاصمة الإدارية ممتازة، حيث فتحت زراعيها للمطورين العقاريين، وكان لمطوري القاهرة الجديدة الأفضلية في العمل هناك، التعاون بين الشركات لتنفيذ المشروعات الكبيرة أصبح ضرورياً، كما أن الجمعية تسعى لتنظيم العلاقة بين العملاء والمطورين، مما يسهم في وضع القطاع العقاري في مكانته المستحقة.
ما هي رؤيتك لمستقبل القطاع العقاري في ظل التحديات الاقتصادية العالمية؟
القطاع العقاري في مصر كان وما زال أحد أهم الاستثمارات الآمنة والمثمرة، مصر تشهد ازدهاراً في المشاريع، وهناك طفرة تحدث في مدن مثل العالمين والساحل الشمالي، وهذه المدن الجديدة تعتبر محطات استثمارية واعدة، القطاع العقاري يلعب دوراً كبيراً في دعم القطاع السياحي، خاصة مع العجز الحالي في عدد الغرف الفندقية الذي لا يقل عن 400 ألف وحدة فندقية، بعد انخفاض قيمة العملة والاستقرار الأمني والسياسي، أصبحت مصر وجهة جاذبة للسياح، وهذا يفرض علينا ضرورة استيعاب الطلب المتزايد سواء للسياحة أو للإيجار، وهو ما يعزز من مستقبل القطاع العقاري الواعد.
كيف ترى تأثير ارتفاع أسعار مواد البناء على تنفيذ المشروعات العقارية؟
بلا شك، ارتفاع أسعار مواد البناء له تأثير سلبي، لكن المطورين العقاريين بدأوا في تبني استراتيجيات جديدة للتكيف مع هذه الزيادات، من أهم هذه الاستراتيجيات تقسيم المشاريع إلى ثلاث مراحل بيع: جزء يُباع في الحال، جزء يتم تنفيذه، وجزء آخر يُترك كمخزون استراتيجي، هذا النهج يساعد في تفادي أي خسائر محتملة بسبب ارتفاع الأسعار، أنصح جميع المطورين بالعمل وفق هذه الخطة التحوطية لضمان استمرارية المشاريع دون تحمل خسائر كبيرة.
مصر تحتوي على مطورين ذوي كفاءة عالية.. كيف ترى الشراكات بين الدولة والمطورين العقاريين؟
هناك فرق كبير بين المستثمر والمطور العقاري، المطورون العقاريون في مصر يتميزون بالخبرة والكفاءة في تنفيذ المشاريع، بينما المستثمر يمتلك المال ويبحث عن العائد، التحدي الأكبر أمام المطورين هو ارتفاع أسعار الأراضي، مما يشكل عبئاً على المشاريع، الشراكات مع الدولة هي الحل الأمثل؛ الدولة توفر الأرض والمطور يقوم بالتخطيط والتنفيذ، حالياً نحن في حوار مع وزير الإسكان لبحث تفاصيل الشراكة بين القطاعين لحل أزمة الإسكان، خاصة الإسكان الاجتماعي وإسكان محدودي الدخل.
ما ردك على الشائعات التي تتحدث عن وجود «فقاعة عقارية» في السوق المصري؟
مفهوم الفقاعة العقارية يشير إلى ممارسة احتكارية ومضاربات على سلعة معينة، وهو أمر غير موجود في القطاع العقاري المصري، القطاع هنا لا يشهد احتكاراً أو مضاربات، بل على العكس، هناك تنوع وزخم كبير في المشاريع. الأزمة التي شهدتها الولايات المتحدة ودبي في 2008 و2009 كانت بسبب الاعتماد الكبير على التمويل العقاري، في مصر، التمويل العقاري شبه معدوم، والناس تشتري العقارات بالأموال الخاصة، مما يجعل هذا القطاع آمناً ومستقراً.
كيف ترى دور التكنولوجيا في تحسين كفاءة المشاريع العقارية؟
التكنولوجيا أصبحت جزءاً لا يتجزأ من العمران الحديث، خاصة في مدن الاستدامة التي تسعى دائماً إلى تحسين جودة الحياة، استخدام التكنولوجيا الحديثة في توفير الطاقة أصبح ضرورة في المباني التجارية والحكومية التي تستهلك كميات كبيرة من الطاقة، مصر تتمتع بتجربة فريدة في هذا المجال، ونحن نتصدر دول العالم في تصدير الخبرات العمرانية وتنفيذ المشاريع العقارية.
كيف ترى مستقبل الاستثمار الأجنبي في القطاع العقاري بمصر؟
مصر منطقة جذب عالمية بفضل موقعها الجغرافي المتميز وتطور البنية التحتية، هناك طلب متزايد على العمالة المدربة، خاصة من الدول الأوروبية التي تعاني من نقص في القوى العاملة، مصر تتميز بقدرتها على تصدير العمالة ذات الكفاءة العالية، وهذا يجعلها وجهة مفضلة للاستثمار الأجنبي في القطاع العقاري.
كيف تساهم غرفة التطوير العقاري في دعم وتحفيز نمو القطاع العقاري في مصر؟
غرفة التطوير العقاري لعبت دوراً محورياً في مواجهة التحديات الاقتصادية التي واجهت القطاع، خاصة بعد تحرير سعر الصرف، بفضل جهود رئيس الغرفة المهندس طارق شكري، تمكنا من الحصول على تسهيلات عديدة من الدولة، مثل تقليل الفائدة على أسعار الأراضي وزيادة مدة تنفيذ المشاريع، هذه التسهيلات ساعدت المطورين العقاريين على الاستمرار في تنفيذ مشاريعهم بنجاح.
ما هي أهم التحديات التي تواجه غرفة التطوير العقاري في تنسيق مصالح المطورين مع الجهات الحكومية؟
التحدي الأكبر هو توفير الجزء الأكبر من الاستثمارات المطلوبة لتحقيق خطة الدولة الطموحة، نحن نعمل على حل مشاكل المطورين وتأسيس اتحاد دولي للمطورين العقاريين على غرار اتحاد المقاولين، هذا الاتحاد سيحمي المهنة وينظم العلاقة بين الدولة، المطورين والعملاء، نطالب الدولة بإصدار قانون لتأسيس هذا الاتحاد الدولي.
كيف تعمل الغرفة على زيادة وعي المستثمرين الدوليين بالفرص المتاحة في السوق العقاري المصري؟
نقوم بتنظيم مؤتمر سنوي باتحاد الصناعات، وبالتعاون مع غرفة التطوير العقاري، بحضور رئيس الجمهورية ووزير الإسكان، نفكر حالياً في عقد مؤتمر عالمي يضم كبار المطورين العقاريين من حول العالم، لعرض ما حققته مصر من تطور في مجال التطوير العقاري، هذا المؤتمر سيجذب صناديق الاستثمار العالمية ويساعد في توضيح الصورة الحديثة لمصر.
ما هي خطط الغرفة المستقبلية لدعم المشاريع العقارية الكبرى في مصر؟
نسعى للمشاركة في المعارض الدولية من خلال السفارات المصرية حول العالم، وندعم إنشاء مؤسسة لتصدير العقار تتبع لمجلس الوزراء. هذه المؤسسة ستفتح أفقاً جديداً للمطورين العقاريين في الدول المستهدفة. كجمعية للمطورين العقاريين، أناشد الدولة بدعم القطاع العقاري من خلال مبادرات مالية مشابهة لتلك التي تُقدم للصناعة، ودعم صناعة السينما التي تسهم في تصدير صورة إيجابية عن مصر.