الهجرة والنظام السوري.. هل تفتح أوروبا باب التطبيع تحت الضغوط السياسية؟

تشهد العلاقة بين الدول الأوروبية والنظام السوري تطورات لافتة، خصوصًا بعد قرار ألمانيا ترحيل بعض المهاجرين السوريين، نتيجة لضغوط اليمين المتطرف، وذلك عقب الهجوم الذي تبناه تنظيم الدولة الإسلامية ونفذه مهاجر سوري. هذا المستجد يفتح الباب أمام تساؤلات حول ما إذا كانت قضية الهجرة ستشكل عامل ضغط يقود إلى إعادة تطبيع العلاقات مع دمشق، رغم معارضة ألمانيا وفرنسا العلنية حتى الآن.
ويزداد هذا الجدل حدةً مع قيام إيطاليا، كأول دولة في مجموعة السبع، بتعيين سفير لها في دمشق، مما يثير تساؤلات حول مستقبل الموقف الأوروبي الموحد. كما تُطرح تساؤلات حول تأثير المحاكمات الجارية في برلين وباريس بحق مسؤولين من النظام السوري، ومدى تقاطعها مع أي تحرك محتمل نحو إعادة العلاقات. في هذا السياق، أوضح جيان عمر، النائب في برلمان ولاية برلين، أن تغيير موقف ألمانيا تجاه النظام السوري غير مطروح حاليًا في الأوساط السياسية، مشيرًا إلى أن القضية الأساسية ليست حادثة زولينغن أو نتائج الانتخابات الأخيرة التي عززت من حضور اليمين المتطرف، بل تكمن في كيفية التعامل مع المهاجرين الذين يرتكبون جرائم أو أعمالًا إرهابية، كما حدث مع اللاجئ السوري المتورط في هجوم زولينغن. وأشار إلى أن ألمانيا سبق أن رحّلت مجرمين أفغان إلى بلادهم دون إقامة علاقات مباشرة مع حكومة طالبان، إذ تم ذلك عبر وساطة قطرية.
وفيما يتعلق بخطوة إيطاليا الأخيرة، تساءل عمر عمّا إذا كان إرسال سفير إلى دمشق يُعد شكلًا من أشكال التطبيع، موضحًا أن عدة دول أوروبية تسعى منذ أشهر إلى فتح قنوات حوار مع النظام السوري لحل أزمة المهاجرين. لكنه أكد أن الدول الكبرى في الاتحاد الأوروبي، وعلى رأسها ألمانيا وفرنسا، لا تزال ترفض إقامة أي علاقات مع النظام السوري، نظرًا لعدم حدوث تغييرات سياسية حقيقية هناك. وأكد النائب أن السياسة الإيطالية تتخذ منحى مختلفًا عن التوجه الأوروبي منذ وصول جورجيا ميلوني إلى الحكم، لكنها لا تعكس تحولًا عامًا في موقف الاتحاد الأوروبي. وأضاف أن ألمانيا لا تجري أي اتصالات رسمية أو غير رسمية مع النظام السوري، مشيرًا إلى أن برلين لم تُعد علاقاتها مع طالبان رغم ترحيل اللاجئين الأفغان، مما يعكس مدى تعقيد الملف السوري بالمقارنة مع الحالة الأفغانية.
كما شدد عمر على أن الضغوط التي يمارسها اليمين المتطرف على الحكومات الأوروبية لن تكون كافية لتغيير الموقف من دمشق، حيث لم يقم النظام السوري بأي إصلاحات سياسية حقيقية منذ عام 2011.
ورغم إعادة سوريا إلى الجامعة العربية، فإن ذلك لم يُترجم إلى أي تحولات ملموسة قد تدفع الاتحاد الأوروبي لإعادة النظر في سياساته.
واعتبر أن الدول الأوروبية غير مستعدة للمخاطرة بالاستثمار السياسي أو الاقتصادي في سوريا، نظرًا لعدم الاستقرار السياسي واستمرار تعدد القوى العسكرية الفاعلة على الأرض، مما يجعل مستقبل البلاد غير واضح. وأكد أن غياب أي بوادر إصلاحية من النظام السوري سيجعل أي خطوة أوروبية تجاه التطبيع غير واردة في المدى القريب.