اليمين المتطرف يعزز نفوذه في ألمانيا ويضعف حكومة شولتز قبل الانتخابات التشريعية

أصبح اليمين المتطرف لاعبًا أساسيًا في المشهد السياسي الألماني بعد تحقيق حزب "البديل من أجل ألمانيا" مكاسب غير مسبوقة في الانتخابات الإقليمية بشرق البلاد، مما زاد من الضغوط على ائتلاف المستشار أولاف شولتز قبل عام من الانتخابات البرلمانية المقبلة. وأكد تينو كروبالا، الرئيس المشارك لحزب البديل، أن حزبه أصبح قوة لا يمكن تجاهلها في صنع السياسات الألمانية، لا سيما بعد تصدره نتائج الانتخابات في تورينغن وحلوله في المرتبة الثانية في ساكسونيا خلف المحافظين.
وعلى الرغم من هذه النتائج القوية، إلا أن الأحزاب الأخرى تواصل رفضها للتحالف معه بسبب مواقفه المناهضة للمهاجرين وتوجهاته المؤيدة لروسيا. نتائج مثيرة للجدل وردود فعل غاضبة وصفت وسائل الإعلام الألمانية هذه النتائج بـ"الزلزال السياسي"، حيث أظهرت تحولات كبيرة في توجهات الناخبين، خصوصًا في ولايات شرق ألمانيا.
كما شهدت الانتخابات صعود حزب "بي إس دبليو" الجديد، الذي يتبنى مواقف مناهضة للهجرة ويدعو لإنهاء دعم أوكرانيا، ما يعكس استياء قطاعات واسعة من المجتمع الألماني من السياسات الحكومية الحالية.
في ساكسونيا، تقدم حزب "البديل من أجل ألمانيا" بشكل ملحوظ ليحصل على 30.6% من الأصوات، مقتربًا من الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي حلّ أولًا بنسبة 31.9%. أما في تورينغن، فقد حقق الحزب تقدمًا أكبر، ليصبح القوة السياسية الأولى هناك. ورغم استبعاد المحافظين أي تعاون مع اليمين المتطرف، فإن هذه النتائج ستجعل تشكيل الحكومات الإقليمية أكثر تعقيدًا. ضغوط متزايدة على ائتلاف شولتز تسببت هذه النتائج في انتكاسة جديدة للائتلاف الحاكم المكون من الحزب الاشتراكي الديمقراطي والخضر والليبراليين، والذي يعاني بالفعل من تدني شعبيته.
ففي تورينغن، سجل الحزب الاشتراكي الديمقراطي أسوأ نتيجة له في انتخابات إقليمية، حيث لم يحصل سوى على 6.1% من الأصوات، بينما لم يحقق سوى 7.3% في ساكسونيا.
ويرجع هذا التراجع إلى عدة عوامل، من بينها الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وارتفاع معدلات التضخم، والتداعيات المستمرة لجائحة كورونا، بالإضافة إلى تأثير الحرب في أوكرانيا التي أثرت على الاقتصاد الألماني ورفعت تكاليف المعيشة.
ملف الهجرة وتأثيره على الانتخابات أعاد الهجوم الأخير في مدينة زولينغن، والذي نُسب إلى لاجئ سوري، الجدل حول سياسات الهجرة إلى الواجهة، حيث استغل حزب "البديل من أجل ألمانيا" هذه القضية لتعزيز خطابه المناهض للمهاجرين.
كما أن استمرار المشاحنات داخل الائتلاف الحاكم زاد من حالة عدم الرضا الشعبي عن الحكومة.
تداعيات محتملة على المشهد السياسي مع اقتراب الانتخابات الإقليمية المقبلة في براندنبورغ، تتزايد المخاوف من استمرار صعود اليمين المتطرف، مما قد يؤدي إلى مزيد من التعقيد في تشكيل التحالفات السياسية على المستوى الوطني.
وفي ظل هذا الوضع، يسعى المحافظون بقيادة فريدريش ميرتس إلى تقديم أنفسهم كبديل قوي لقيادة البلاد في المرحلة المقبلة، وهو ما قد يضعف أكثر موقف المستشار أولاف شولتز.