في اعقاب الهجمات الارهابية علي عمان
لماذا استهدف تنظيم داعش الارهابي سلطنة عُمان؟
في اعقاب أعلان ما يُعرف بتنظيم داعش الارهابي مسؤوليته عن الهجوم الذي استهدف تجمعاً للشيعة في أحد المساجد بالقرب من مسقط عاصمة سلطنة عُمان مساء الاثنين الماضي وبحسب الشرطة العُمانية فإن الهجوم على مسجد علي بن أبي طالب في منطقة الوادي الكبير بالقرب من مسقط أسفر عن مقتل تسعة أشخاص وإصابة أكثر من 30 آخرين في الهجوم ومن بين القتلى في الهجوم أربعة باكستانيين وهندي وشرطي وثلاثة مهاجمين.
وأعلن تنظيم الدولة الذي يُعرف أيضا باسم "داعش" في بيان عبر قناته على تطبيق تليجرام مسؤوليته عن الهجوم على المسجد ووصفه بأنه عمل من أعمال "الحرب" المستمرة ضد الطائفة الشيعية في جميع أنحاء العالم كما احتفل أنصار التنظيم بالهجوم على شبكات التواصل الاجتماعي، وأعرب عدد منهم على فيسبوك وتليجرام عن فرحتهم بالهجوم ونشروا تعليقات مُسيئة للطائفة الشيعية وأشادوا بـ"المهاجمين" التابعين للجماعة المتطرفة، وقالوا إنهم "ينتقمون" من المسلمين الشيعة.
ويستهدف التنظيم بشكل متكرر تجمعات ومواكب الشيعة في دول مثل العراق وأفغانستان وباكستان لكن الهجوم الأخير هو أول هجوم للتنظيم في عُمان حيث تشكّل الطائفة الشيعية أقلية في البلاد وتعتبر سلطنة عُمان واحدة من أكثر الدول استقراراً وأماناً في الشرق الأوسط، ولعبت دور الوساطة لحل عدد من النزاعات في المنطقة.
ويبلغ إجمالي عدد سكان السلطنة حوالي 4.6 مليون نسمة أكثر من 40 في المئة منهم من الأجانب.
ولا تنشر الحكومة العُمانية إحصائيات حول الانتماءات الدينية لسكانها لكن وزارة الخارجية الأمريكية تقدر أن 95 في المئة من سكان البلاد مسلمون إضافة لخمسة في المئة من الهندوس والمسيحيين والبوذيين وفي مثل هذا الوضع، يُطرح السؤال: لماذا نفذ تنظيم الدولة الإسلامية مثل هذا الهجوم في عُمان؟
يُنظر إلى عُمان على أنها دولة تتمتع بقدر أكبر من الحرية الدينية والوئام مقارنة بدول الخليج الأخرى.
وأعلن تنظيم داعش الارهابي في بيان نشره على قناته على تليجرام مسؤوليته عن الهجوم على المسجد، وقال في بيانه إن "ثلاثة انتحاريين من الدولة الإسلامية هاجموا الوادي الكبير" وهاجموا تجمعاً للشيعة أثناء إحيائهم يوم عاشوراء.
لماذا استهدف تنظيم داعش عُمان وماذا يعني ذلك؟
لعل السؤال الذي يجب طرحه هنا، كيف يمكن النظر إلى هذا الهجوم الذي شنه تنظيم الدولة الإسلامية في عُمان وهي دولة مسالمة وأكثر استقراراً اقتصادياً وحرية دينية مقارنة بدول الخليج الأخرى؟
إجابة على ذلك يقول حسان عبد السيد محلل الشؤون الأمنية المقيم في السويد إن الهجوم الذي تعرضت له مسقط يوم الاثنين هو أول هجوم لما يُسمى بتنظيم داعش في تاريخ عُمان ويضيف: "في الواقع، هذا الهجوم هو جزء مما يُسمى بحرب الدولة الإسلامية من أجل البقاء".
ويقول عبد السيد إنه بعد هزيمة بخلافة التنظيم في سوريا والعراق عام 2019، بسبب فقدان الأراضي التي كانت تحت سيطرتها، يحاول التنظيم ترسيخ وجوده من خلال الهجمات الإرهابية التي تُشارك فيها خلايا أصغر، مضيفاً أن المنفذين في الغالب من أنصار التنظيم، ويريدون تقديم دليل على وجود تنظيمهم للعالم من خلال تنفيذ هذه الهجمات.
ويعتبر أن هذا "هو السبب الذي دفع أنصار ما يسمى بتنظيم داعش إلى استهداف عُمان، التي لم يستهدفها التنظيم من قبل".
وبحسب عبد السيد انه "عندما حاول تنظيم داعش إعادة نشاطه في عام 2019، استهدف مسجداً للشيعة في أفغانستان"، ويضيف: "ثم عندما جاءوا إلى باكستان، بدا أن اللون الطائفي كان مهيمناً جداً على أهدافهم، وإلى جانب السكان الشيعة، استهدفوا أيضاً العديد من الأضرحة في باكستان والتي كانت تحظى باحترام كبير من قبل أتباع مذهب باريلفي.
و إن ما يسمى بتنظيم داعش يقوم بتوسيع نطاق عملياته تدريجياً، إذ نفذ بعد هجمات أفغانستان وباكستان، هجمات أخرى في إيران وروسيا، والآن يتزايد هذا التهديد في بلد مثل عُمان.
ما هو تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف؟
قبل عشر سنوات، أعلن أبو بكر البغدادي، مؤسس تنظيم داعش من مسجد النوري في الموصل بالعراق، أن جماعته ستُقيم "خلافة" في سوريا والعراق، ثم احتل التنظيم أجزاء كبيرة من سوريا والعراق وفرض قوانين إسلامية صارمة، بما في ذلك العقوبات القاسية والإعدامات، كما نشرت جماعة أبو بكر البغدادي مقاطع فيديو لتنفيذ تلك العقوبات على الإنترنت.
وعلى مدى السنوات الخمس التالية، استقطب ما يسمى بتنظيم داعش آلاف المتطرفين من جميع أنحاء العالم ووعد بإقامة خلافته الإسلامية.
لكن في الواقع، كانت حياة الناس تحت حكم التنظيم تُوصف بالعنف الشديد، إذ عُلقت الرؤوس المقطوعة في الساحات، وتعرض الناس للمضايقات من قبل "شرطة الأخلاق" التي كانت تقوم بدوريات في الشوارع، لتقوم قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بشن حرب على التنظيم وقصف المناطق الخاضعة لسيطرته حينها.
واستطاع التحالف المكون من 70 دولة من طرد التنظيم من آخر معاقله في قرية باغوز التي تقع شرقي سوريا عام 2019، ومع أن الخلافة انتهت، إلا أن أيديولوجية التنظيم لا تزال موجودة حتى اليوم كما يبدو.