ماهر مقلد يكتب: قصة تاريخية بشهود حية
ستظل التفاصيل حول مصير المجوهرات الخاصة بأسرة الملك فاروق غير معروفة وخافية إلا على بعض الشخصيات والأسماء التى ارتبطت بهذه المجوهرات بشكل أو بآخر.
يوسف الجواهرجى ــ ابن شقيق أحمد باشا نجيب «جواهرجى الملك فاروق» ــ كان معاصرًا لتلك الحقبة، وشهد أيضًا قصة زواج الملك فاروق من الملكة ناريمان.
وينفى الرواية الشائعة بأن هناك دورًا ما قام به عمه أحمد باشا نجيب الجواهرجى فى قصة زواج الملك فاروق من الملكة ناريمان.
ويروى، خلال مقابله معه قبل وفاته بأيام قليلة، وجرت فى مكتبى بجريدة الأهرام؛ حيث زارنى بعد تواصل معه أن المصادفة وحدها هى التى لعبت دورها، وجعلت الشاب زكى هاشم وخطيبته ناريمان يختاران محل مجوهرات عمى لشراء شبكة خطبتهما منه، ويتصادف أن يكون موجودًا الملك فاروق فيشاهد من خلف الستارة ناريمان، ويعجب بها ويتزوجها وتصبح ملكة لمصر.
ويكشف كان الملك يتردد على المحل فى بعض الأوقات لأن الصداقة بين عمى والملك قوية، وعمى كان ملازمًا للملك فى كل المناسبات والحفلات ولكنه لا يسهر بعد العاشرة مساء. فاروق كان يذهب إلى المحل بدون حراسة ويقود سيارته الصغيرة ماركة «فولكس فاجن» بنفسه المحل كان فى شارع الملكة فريدة، وهو الآن شارع عبدالخالق ثروت، وكان يحرسه حارسان وفى مدخله يجلس السكرتير الخاص بعمى، وعندما دخل الملك ترك الحارسان موقعهما، وذهب أحدهما لإحضار عصير الليمون من «جروبى»، والثانى لإحضار بعض القطع التى كانت تصنع خصيصًا للملك فى الورشة التابعة للمحل، وفى نفس الوقت ترك السكرتارية مكتبه، وذهب إلى منطقة الصاغة لإحضار أكياس من الجنيهات الذهبية التى كان قد طلبها الملك ولهذا دخلت ناريمان بصحبة خطيبها دون أن يعترض طريقهما أحد.
فى الزيارات التى قام بها الملك للمحل يظل الباب مفتوحًا، لكن كان الإجراء الوحيد الذى يتخذ هو منع الزبائن من الدخول بمعرفة الحارسين.
نحن تجار مجوهرات منذ 1840، وكان جدى جواهرجى الخديو وتوارثنا المهنة، وكنا نُصنف فى الترتيب الثالث على مستوى العالم فى تجارة المجوهرات من حيث الخبرة والكفاءة، وكان الملك يحترم عمى ويقدّره.
يوم الثورة كان عمى فى باريس يقضى عطلة الصيف التى اعتاد أن يقضيها فى فرنسا لمدة 3 شهور كل عام. ثم عاد لكنه مرض مرضًا خطيرًا وسافر بعد لك إلى الولايات المتحدة الأمريكية للعلاج، ثم عاد ثانية ومات فى الإسكندرية؛ لأنه نسى أن يصطحب الأدوية الضرورية معه إلى هناك، وتركها فى القاهرة ومات عام 1957، بعد ذلك الملكة ناريمان زارتنى فى المحل بعد عودتها مرات عديدة، وأنا كنت السبب الرئيسى فى قرار الرئيس السادات بإلغاء قرار منع البرنس أحمد فؤاد من دخول مصر، حيث جاءتنى الملكة فى أحد الأيام، وطلبت منى إعداد 2 شمعدان من الفضة؛ لأنها مسافرة إلى فرنسا وتنوى تقديمها هدية لابنها، وتصادف أننى زرت منزل الرئيس السادات فى نفس الوقت ورويت له القصة، فقال لماذا لا يأتى أحمد فؤاد إلى مصر؟
فقلت له هناك قرار يمنع دخوله مصر، وعلى الفور أصدر قراره السابق وأصدر جواز سفر مصريًا له، وحضر الأمير أحمد فؤاد، وسعدت الملكة بذلك كثيرًا.
لم يأخذ الملك من المجوهرات الخاصة به أو بأسرته أى قطعة؛ لأن الثورة قامت فى الصيف والملك كان موجودًا فى الإسكندرية، ومعه أسرته والمجوهرات كانت فى خزائن قصر عابدين وبعد الثورة تم عرضها فى مزاد علنى وللعلم عمى رفض دخول المزاد، ورفض أيضًا طلب مجلس قيادة الثورة بمهمة تسعيرها، أما متحف المجوهرات الموجود الآن بالإسكندرية عبارة عن جزء بسيط من هذه المجوهرات.