الفنان الشامل.. حقيقة أم استثناء في عالم الفن؟

لطالما ارتبطت بعض الأسماء الفنية بالسينما فقط، بينما تألق آخرون في عالم التلفزيون دون تحقيق نجاحات تُذكر على الشاشة الكبيرة. وبالنظر إلى التاريخ الفني المصري، نجد أن نجمات مثل فاتن حمامة ونادية الجندي حققن شهرة واسعة في السينما، لكن تجاربهن التلفزيونية لم تلقَ الصدى ذاته.
في المقابل، استطاع فنانون مثل عادل إمام ويحيى الفخراني التميز في السينما والدراما معًا، محققين نجاحًا لافتًا في كلا المجالين. وامتدت هذه الظاهرة إلى الجيل الجديد من الفنانين، حيث نجح كل من أمير كرارة، منى زكي، وهند صبري في ترك بصماتهم على الشاشة الفضية والتلفزيونية، ما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت هناك حدود فاصلة بين مجالات التمثيل المختلفة، أم أن على الفنان أن يكون قادرًا على النجاح في جميع أنواع الفنون؟
يرى الناقد الفني مصطفى الكيلاني أن الفنان الحقيقي يجب أن يمتلك القدرة على تقديم جميع أشكال الدراما، سواء في السينما، التلفزيون، المسرح، أو حتى الرقص. ويرجع تفضيل بعض الفنانين التركيز على السينما فقط إلى اعتقادهم بأن الأفلام تُعد الفن الخالد الذي يضمن لهم مكانة في ذاكرة الجمهور، بينما يُنظر إلى الدراما التلفزيونية على أنها فن سريع الزوال قد يؤثر على نجوميتهم.
في المقابل، ترى الناقدة حنان شومان أن الجيل الحالي من الفنانين أكثر وعيًا وذكاءً في التعامل مع متغيرات السوق مقارنة بالأجيال السابقة. وأشارت إلى أن هؤلاء النجوم تمكنوا من إيجاد مواقع مناسبة تتيح لهم النجاح في السينما والتلفزيون على حد سواء، وهو ما لم يكن شائعًا في الماضي، حيث كان معظم الفنانين يركزون على مجال فني واحد، باستثناء قلة استطاعت تحقيق التوازن بين المجالين مثل نور الشريف ومحمود عبد العزيز، بفضل اختياراتهم الدقيقة للأعمال.
أما الناقد نادر عدلي، فيؤكد أن قدرة الفنان على النجاح في مختلف أشكال التمثيل تظل أمرًا نادرًا، حيث تتداخل عدة عوامل لتحقيق ذلك، بدءًا من انتقاء السيناريوهات القوية، مرورًا بالمشاركة في أعمال تضم فنانين موهوبين، وصولًا إلى قوة الأدوار والشخصيات المقدمة. وأوضح أن قلة فقط من الفنانين استطاعت تحقيق هذا التوازن عبر التاريخ، ليتركوا بصمة خالدة في عالم الفن.