النهار
الأحد 22 ديسمبر 2024 08:00 مـ 21 جمادى آخر 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

تقارير ومتابعات

«السنة التمهيدية».. تطوير للتعليم الجامعى أم باب خلفى لـ«الفساد والمحسوبية»؟!

الدكتور أيمن عاشور
الدكتور أيمن عاشور

كشف الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالى والبحث العلمى، عن مقترح جديد لتطوير العملية التعليمية الجامعية بعنوان "السنة التمهيدية أو التأسيسية" أمام مجلس النواب خلال مناقشة ميزانية العام الجديد 2024 / 2025.

اختلفت آراء خبراء التعليم بين مؤيد ومعارض للمقترح؛ ففريق يرى أن السنة التمهيدية نظام قديم ومعمول به فى معظم الجامعات الأجنبية والعربية، ويساعد الطالب فى اختيار الكلية التى تناسبه، وفريق آخر يرى أن المقترح سيفتح بابًا للفساد والمحسوبية ما لم تحكمه تشريعات وقوانين واضحة ومحددة ويتم تطبيقها.


د.رضا مسعد

يرى الدكتور رضا مسعد، رئيس قطاع التعليم الأسبق بوزارة التربية والتعليم والخبير التعليمى، أن "السنة التمهيدية" أو السنة التحضيرية موجودة فى معظم الجامعات العالمية وجامعات دول الخليج العربى مثل الجامعات القطرية والجامعات السعودية، مؤكدا أنها ليست اختراعا، وإذا تم تطبيقها فى مصر فهذا شىء جيد جدا لتطوير التعليم.

وأضاف "مسعد" فى تصريحات لـ«النهار»: نحن تأخرنا فى إدخال «السنة التمهيدية» فى التعليم الجامعى، وكان المفروض أن تدخل وتطبق فى جامعاتنا المصرية منذ فترة طويلة، موضحا أنه من خلالها يدرس الطالب مواد إضافية، ويعدل مستواه الذى كان عليه فى الثانوية العامة.

كما يستطيع أن يعرف قدراته وميوله واستعداداته حتى يلتحق بالكلية التى تناسبه وينجح فيها ويتفوق بعد نهاية السنة التحضيرية، مشيرًا إلى أن هناك سنة تمهيدية أو تحضيرية فى كل دول العالم، قائلا إذا «عديت» البحر الأحمر، أول جامعة سعودية ستقابلها ستجد فيها سنة تحضيرية.

وأوضح أن شروط تطبيق السنة التحضيرية وتفاصيلها أمور فنية تضعها وزارة التعليم العالى، وكل ما ستقوم به إحضار نظام هذه السنة التحضيرية من إحدى الجامعات الكبيرة، سواء كانت عربية أو أجنبية، بضوابطه وشروطه، ونطبق النظام كما هو فى مصر، وهذا النظام مستقر ومطبق منذ سنوات فى تلك الجامعات، فلا داعى للقلق.

وأكد رئيس قطاع التعليم الأسبق بوزارة التربية والتعليم أن فكرة الدكتور أيمن عاشور فكرة طيبة وإن كانت متأخرة، وليست جديدة، موضحا أن من لديه خبرة واحتكاك بأنظمة التعليم سواء فى الجامعات الأجنبية أو العربية سيرحب بالفكرة ويؤيدها، لأنها جزء من نجاح التعليم فى هذه الدول المتقدمة.

وأشار الخبير التربوى إلى أن السنة التحضيرية تابعة لوزارة التعليم العالى، ولا تتبع وزارة التربية والتعليم، لأن الجامعات هى التى ستقوم بتطبيقها، ولكن إذا أرادت وزارة التربية والتعليم تطوير الثانوية العامة فهذا شأنها.


د. محمد عبد العزيز

وعلى النقيض يرى الدكتور محمد عبد العزيز، الخبير التربوى والأستاذ بكلية التربية جامعة عين شمس، أن مقترح «السنة التمهيدية» بعد الثانوية العامة الذى تقدم به الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالى والبحث العلمى للبرلمان غير واضح ويخلو من أى تفاصيل.

وأوضح الخبير التربوى فى تصريحات خاصة لـ«النهار» أن مقترح السنة التمهيدية يثير عدة تساؤلات، أين ستكون امتحانات السنة التمهيدية؟ ومن المسئول عنها؟ وهل ستكون تابعة لوزارة التربية والتعليم من خلال امتحان نظامى، مثل امتحان الثانوية العامة أم امتحان داخل الكلية التى سيرغب فيها الطالب؟.

وتابع أنه إذا كانت السنة التمهيدية ستعقد من خلال امتحان نظامى «ثانوية عامة»، ففى هذه الحالة لابد أن يكون خاضعة لنفس الجهة التى امتحنت الطلاب، ونفس المنهج حتى يتحقق مبدأ تكافؤ الفرص.

وأكد «عبدالعزيز» أنه إذا تم تطبيق السنة التمهيدية فى الجامعات من خلال امتحان القدرات، فستفتح أبواب الفساد على مصاريعها، إلا إذا تم وضع إجراءات حماية للنظام، منتقدا المقترح قائلا: "أنا معترض جملا وتفصيلا على السنة التمهيدية".

وأضاف الخبير التربوى أن هناك تباعدا بين وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالى، كأنهما فى جزر منعزلة أو بينهما تنافس، موضحًا أنه منذ شهر اتخذ الدكتور رضا حجازى، وزير التربية والتعليم، قرارا، امتدادا لنظام التعليم المستمر حاليًا والذى بدأ تطبيقه منذ ٢٠١٨، رغم وجود بعض السلبيات التى يتم معالجتها، وبناء على ذلك سيطبق نظام «المسارات» على طلاب الصف السادس، متسائلا: لماذا نستعجل على مقترح «السنة التمهيدية»؟

وأوصى الدكتور محمد عبدالعزيز المسئولين عن التعليم بعودة نظام «تحسين المجموع» فى الثانوية العامة، مرة واحدة فقط، وذلك مقابل رسوم يدفعها الطالب، وبذلك يتحقق مبدأ تكافؤ الفرص، موضحا أن الطالب سوف يمتحن فى نفس المنظومة التعليمية التى امتحن فيها مع زملائه، بخلاف ما سيتم تطبيقه طبقا لمقترح وزارة التعليم العالى فى السنة التمهيدية التى ستعتمد على اختبار قدرات، والذى بدوره قد يفتح باب الفساد والمحسوبية بالإضافة إلى عدم تحقق مبدأ تكافؤ الفرص، مؤكدا أنه لا يتساوى طالب دخل الجامعة من أول مرة بمجهوده بطالب دخل عن طريق السنة التحضيرية أو التمهيدية.

وتابع: الدولة المصرية تتبنى النظام الإلكترونى وهذا يقلل من نسب الفساد، ولكن بتطبيق اختبار القدرات فى السنة التمهيدية، سنعود إلى الوراء، ونفتح بابا خلفيا للفساد.


د. مجدي حمزة

من جانبه، قال الدكتور مجدى حمزة، الخبير التربوى، إن فكرة السنة التمهيدية فكرة قديمة وليست جديدة لدخول الجامعات.

وأكد «حمزة»، فى تصريحات خاصة لـ«النهار»: إذا لم يتم وضع ضوابط تنفيذية وآليات محدودة وواضحة للسنة التمهيدية، سنفتح بابا للفساد والواسطة والمحسوبية، لافتا إلى أن الأسرة المصرية بعد ضغوط الثانوية العامة لم تعد تتحمل أى أعباء أخرى فى التعليم، خاصة فى ظل الضغوط النفسية والمعنوية والاقتصادية والمادية والأسرية وزيادة حالات الطلاق بسبب دروس الثانوية العامة.

وأوضح أن العملية التعليمية لا تحتمل إضافة سنوات جديدة، مشيرًا إلى أنه يمكن حل مشاكل التعليم الحالية من خلال التطوير الذى حدث سلفًا دون أن نضيف أعباء على الأسرة المصرية والطالب المصرى.


د. محمد فتح الله

وفى نفس السياق، قال الدكتور محمد فتح الله، الخبير التربوى، وأستاذ القياس والتقويم بالمركز القومى للامتحانات والتقويم التربوى، إن السنة التمهيدية بعد الثانوية العامة، التى تؤهل إلى الجامعة، لها مزايا ولها عيوب، مؤكدا: إذا لم تكن فى إطار تشريعى واستراتيجية واضحة للتعليم فقد تكون بابا خلفيا للفساد.

وأوضح «فتح الله» فى تصريحات خاصة لـ«النهار» أن هناك نظامًا أفضل من «السنة التمهيدية»، وهو نظام القبول فى الجامعات، وهذا النظام مُطبق فى السعودية، ويتكون من عنصرين الأول درجات الطالب فى الثانوية العامة أو ما يسمى بدرجات الطالب التحصيلية، والثانى درجات الطالب فى اختبارات القدرات، وتُعقد الاختبارات فى مركز متخصص، وهو مركز قياس فى المملكة العربية السعودية، لقياس قدرات الطالب المؤهلة للجامعة، ويحق للطالب إذا رسب أن يتقدم مرة أخرى للاختبارات.

وأشار أستاذ القياس بالمركز القومى للبحوث إلى أن مصر تمتلك أقدم مركز فى الوطن العربى، وهو المركز القومى للامتحانات والتقويم التربوى، الذى أُنشئ لتطوير منظومة التقويم فى مرحلة التعليم قبل الجامعى والجامعى، مشيرًا إلى أن سياسة القبول ليست فى التعليم الجامعى فقط، ولكن فى التعليم الثانوى.

ولفت إلى أن العالم يقلل السنوات الدراسية ولا يضيف سنة أو سنوات أخرى.