ماهر مقلد يكتب: ما بين «الجزيرة» وإسرائيل
«لقد حان الوقت لطرد بوق حماس من دولتنا».. هذا ما تفوه به بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء اسرائيل، وأتبعه تصريح آخر من وزير الاتصالات الإسرائيلى شلومو قرعى قال فيه: «لن تكون هناك حرية تعبير لأبواق حماس فى إسرائيل. وسيتم إغلاق قناة الجزيرة فورًا ومصادرة معداتها».
لجأ نتنياهو إلى القانون فى دولة اللا قانون واستدعى نصًّا روج له ومعه وزير الاتصالات هو أنه فى حال تشكلت لدى رئيس الوزراء قناعة بكون قناة أجنبية تضر بالدولة، يجوز لوزير الاتصالات، بعد تلقى رأى أمنى واحد على الأقل مرهونًا بموافقة الحكومة أو المجلس الوزارى المصغر، اتخاذ إجراءات بحق قناة أجنبية تعمل ضد الدولة.
وجرى إغلاق مكاتب القناة فى إسرائيل ومصادرة أجهزة البث، وحظر بث مراسلى القناة، وإزالة القناة من شركات الكوابل والقنوات الفضائية، وحجب مواقعها الإلكترونية وغير ذلك.
نتنياهو بدا كما لو كان منتصرًا فى معركة حربية وهو يعلن "بعد جلسة المجلس الوزارى المصغر للشئون السياسية والأمنية وبناءً على إيعازى، ناقشت الحكومة حظر بث قناة الجزيرة فى إسرائيل، إذ أضر مراسلو الجزيرة بأمن إسرائيل وحرضوا على جنود جيش الدفاع الإسرائيلى، فقد حان الوقت لطرد بوق حماس من دولتنا. أشكر وزير الاتصالات شلومو قرعى على عمله فى هذا الصدد".
وقال وزير الاتصالات: سنتحرك فورًا ضد الذين يستخدمون حرية الصحافة من أجل المساس بأمن إسرائيل وبمقاتلى جيش الدفاع ويحرضون على الإرهاب إبان الحرب.
ولن تكون هناك حرية تعبير لأبواق حماس فى إسرائيل. وسيتم إغلاق مكاتب قناة الجزيرة فورًا وستتم مصادرة معداتها.
لقد مرت فترة زمنية أطول من اللازم حيث واجهنا خلالها قدرًا كبيرًا للغاية من العوائق القضائية حتى وصلنا إلى هذه اللحظة التى يسعدنا بلوغها. وقد تم اتخاذ القرار وها ننطلق لتطبيقه. فأخرسوا أبواق التحريض التابعة للعدو.
هذه هى إسرائيل المزعومة التى قد يعتقد البعض أنها تتمتع بالحرية، وللغرابة يتحدث عنها الغرب والولايات المتحدة الأمريكية بأنها تمارس الديمقراطية وحقيقة الأمر غير ذلك وتفرض حصارًا على كبريات القنوات الفضائية فلا السى إن إن، ولا، البى بى سى، ولا الفوكس نيوز، ولا وكالة "رويترز" تبث منذ العدوان على غزة ما يجرى داخل إسرائيل، إلا ما تسمح به إسرائيل، وهذه هى سياسة إسرائيل التى تفرضها على وسائل الإعلام.
قناة الجزيرة ماذا فعلت ومراسلوها داخل إسرائيل يتحركون تحت ضغوط كبيرة؟، يكفى للحكم على جرائم العدو اغتيال الشهيد الطفل محمد الدرة بالقنص رغم الاستغاثة صوت وصورة، راشيل خورى الناشطة الأمريكية التى اغتيلت فى مارس عام 2003 تحت عجلات جرافة اسرائيلية وهى تقف لمنع هدم منزل فى قطاع غزة، وشيرين أبو عاقلة وهى ترتدى سترة الصحافة، والمرضى داخل مستشفى الشفاء والبيانات بمن فيها من أطفال وشيوخ ونساء هل هذا يمس أمن إسرائيل، كما تحدث وزير الاتصالات، لا فُض فوه؟!.. الأمر لا يحتاج إلى إثبات على أنها تمارس الغجرام بحق الإعلام والإعلاميين والإنسانية، قرار إغلاق مكتب الجزيرة ومصادرة المعدات ليس غريبًا على الاحتلال الذى منذ ولادته يعيش على اغتصاب حقوق الآخر تحت ذرائع لا تنطوى على عاقل.
لن يكون قرار إغلاق قناة الجزيرة حدثًا يخدم إسرائيل، والأيام ربما تثبت أن هناك فضاء جديدًا قادرًا على نقل ما تحاول عدم إظهاره من خلال مقاطع الفيديو وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعى التى حتى الآن لم تنشط بالقدر المنتظر من داخل إسرائيل.
الغريب أن هذا الإجراء يحدث فى الوقت الذى تقترب فيه جهود التسوية من نقطة الاتفاق بمعنى أن عجلة الحرب فى طريقها إلى التوقف ولن تكون هناك عمليات عسكرية داخل إسرائيل أو هجمات من حماس تخشى دولة الاحتلال من بث آثارها، والتأثير على الروح المعنوية لجنود جيش الاحتلال .
فى رد فعلها على القرار وصفت شبكة الجزيرة قرار الحكومة الإسرائيلية إغلاق مكاتبها بالخطوة الممعنة فى التضليل والافتراء.
وأضاف البيان أن الجزيرة تؤكد حقها فى استمرار تقديم خدماتها للجمهور عبر العالم، وهو ما تكفله المواثيق الدولية.
قد تكون حيلة ماكرة من نتنياهو لوقف القناة حتى لا تتابع عن قرب نتائج الحرب الكارثية بعد توقفها وبدء لجان التحقيق والكشف عن وهن الكيان وحماقته.