انهيار في سوق الدواء.. نقص 40% من الأدوية فى الأسواق ومرضى الأمراض المزمنة يستغيثون.. الحق فى الدواء: إذا لم يتم حل المشكلة سنواجهة أزمة فى أبريل.. الصيادلة: يجب النظر إلى قانون التسعيرة الجبرية
"مش موجود ناقص فى السوق.. ممكن ترجع لطبيبك يكتب لك البديل.. للأسف الصنف دة ملوش بديل" كل هذه العبارات ستسمعها إذا مرضت ودخلت إلى إحدى الصيدليات لصرف روشتة الدواء، بات عليك لزاما أن تخوض رحلة كبيرة للبحث عن الدواء، إذ أصبح من الصعب صرف كل الأدوية المكتوبة فى الروشتة من صيدلة واحدة، هذا هو الحال الذى وصل إليه المواطن المصرى فى الآونة الأخيرة.
وكان جمال الليثي، رئيس غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات، قال فى مداخلة تليفزيونية "إن نواقص الأدوية تتراوح ما بين 30- 40% من الأدوية، منها أدوية لأمراض مزمنة مثل السكر والأورام والقلب والغدد وغيرها، وهو ما يجرى تأمينه الآن، نحن كمصانع نعمل بمخزون خامات يكفى لمدى 4- 6 أشهر، وهذا المخزون وصل لأسابيع فقط، وبالتالى نحن فى مرحلة المخاطرة".
بالطبع الأزمة الدولارية التى تشهدها مصر الفترة الحالية، انعكست على سعر الأدوية، وأيضا ساهمت فى نقص أصناف منها واختفاؤها من الأسواق، كل ذلك يلمسه المواطن ويتأثر به بشكل كبير.
ومن جانبها تقول سعاد محمود- بالمعاش- " أعانى من أمراض مزمنة كالضغط والسكر وأجد معاناة كبيرة جدا فى توفير أدوية الضغط والسكر، كل شهر أخوض رحلة البحث عنها فى كافة الصيدليات المحيطة بى، وأحيانا لا أجدها فاضطر إلى شراء البديل، حيث لا يمكننى الاستغناء عنها، على الحكومة أن تسعى إلى توفير الأدوية وتحل مشكلة نقصها من الأسواق".
أما أحمد فتحى- موظف بالقطاع الخاص- يقول" ابنى مصاب بأحد الأمراض المزمنة ومنذ 3 أشهر لم أستطع إيجاد أدويته، وأظل ابحث فى الصيدليات فى أماكن مختلفة حتى أوفرها، وأحيانا تنتهى الأدوية الموجودة قبل شراء الأدوية وتوفيرها فيظل عدة أيام بلا دواء، وهو ما يؤثر على حالته الصحية".
وحول هذا الأمر يقول محمود فؤاد، المدير التنفيذى للمركز المصرى الحق فى الدواء،" أسعار الأدوية ارتفعت بالفعل منذ الفترة من يناير 2022 وحتى ديسمبر 2023، حيث زاد سعر حوالى 3100 صنف بنسبة 30 إلى 80 %، وهناك أدوية ارتفع سعرها أكثر من مرة خلال العامين الماضيين".
ويضيف في تصريحات لـ"النهار": يوجد بمصر حوالى 13 ألف صنف دواء، ما يتم إنتاجه على أرض الواقع يتراوح ما بين 6 إلى 8 آلاف صنف، يمكن القول أن أكثر من نصف الدواء الذى يتم إنتاجه فى مصر (المحلى) تم رفع سعره مرة و2 و3، مما أدى إلى حدوث تشوه سعرى فى الصيدليات، حيث نجد أن الصنف الواحد يباع بأكثر من سعر فى الصيدلية نفسها".
ويتابع فؤاد قائلا" هناك اتجاه من الحكومة الفترة المقبلة لتحريك أسعار الدواء بنسب غير معلنة حتى الآن"، موضحا أنه لا يوجد شركة دواء فى مصر تخسر وإلا كانت أغلقت منذ زمن، لا فتا إلى أن التصريحات بأن أسعار الدواء فى مصر فى حاجة إلى زيادة عادلة بنسبة 100 %، القصد منها لى ذراع الحكومة – على حد قوله- حتى يصلوا فى النهاية إلى زيادة بنسبة 50 -60%.
ويؤكد أنه لا يوجد مشكلة فى صناعة الدواء فى مصر بل إن المشكلة الحقيقية تكمن فى الاقتصاد المصرى والأزمة الدولارية، منوها إلى أن صناعة الدواء يعتمد 95% من المواد الخام التى يتم استيرادها فى الخارج والتى بالقطع ترتبط بالدولار.
ويستكمل المدير التنفيذى حديثه قائلا" الدواء سلعة مسعرة جبريا، إذ لابد من صدور قرار من رئيس الوزراء وينشر فى الجريدة الرسمية بشأن التسعير، وأيضا هناك لائحة عقوبات ضد أى شخص يقوم ببيع الدواء بسعر منفرد"، لافتا إلى أن آخر مرة قامت الحكومة بالتسعير كانت فى عام 2017 جاء ذلك بعد أول تخفيض فى العملة وقتها ارتفع سعر الدولار إلى 18 جنيها، وتم رفع أسعار 3010 صنف حينئذ بنسب تتراوح ما بين 30 -80%.
ويشير إلى أنه فى الوقت الحالى على الشركات المصنعة للدواء أن تقوم بسحب الدولار بالسعر الحالى، ثم تقوم بشراء المواد الخام اللازمة للإنتاج ثم تقوم بتكبيسها وتصنيعها وتعطيها إلى شركات التوزيع وتخرج هامش ربح الصيدلى ثم تقوم ببيعها وفقا للتسعيرة الجبرية عام 2017، وهذا بالطبع غير منطقى، موضحا أن هذا دفع شركات الدواء الحكومية 8 عن الامتناع عن شراء المواد الخام حتى لا يتعرضوا للمحاسبة من الجهاز المركزى للمحاسبات.
ويطالب فؤاد الحكومة بضرورة وضع حلول مؤقتة، وتطبيق فكرة الدولار الجمركى كما هو معمول به فى العالم، بالإضافة إلى النظر إلى التسعير الجبرى قبل البدء فى تحرير سعر الصرف خاصة وأن مصر ليس بها قانون للتأمين الصحى الشامل، محذرا إياها من الالتفات إلى دعوات تحرير سعر الدواء، مشددا على أنه إذا تم تحرير السعر فسيحدث غضب اجتماعى واحتقان شديد بين الناس.
وينوه أن مصر قد قطعت شوطا كبيرا فى توطين الدواء ولكن الخطوات لم تكتمل بعد، مؤكدا أن هناك مواد خام فى الميناء تُقدر ب195 مليون دولار منذ شهرين لم يتم الوصول إلى حل مشكلة حتى الآن، موضحا أن مصر تحتاج إلى 150إلى 250 مليون دولار مواد خام.
ويختتم المدير التنفيذى للحق فى الدواء حديثه قائلا" هناك تقرير صدر من مدراء شركات عالمية للأدوية يفيد بأنه مع قدوم الشهر الجديد سيكون هناك مشكلة حقيقية فى الدواء المحلى فى مصر فى شهر إبريل المقبل، حيث أن شركات الأدوية بدأت تسحب المواد الخام الموجودة فى المخازن على المكشوف دون إضافة إليها".
وبدوره يقول الدكتور أحمد فاروق ،أمين عام نقابة الصيادلة السابق، " إنه من الطبيعى ارتفاع سعر الأدوية فى الوقت الحالى لكن ليس بهذه الصورة العشوائية، إذ لابد من أن تُشكل لجنة تختص بالدواء تضع رؤية واضحة تساعد هيئة الدواء على توفير الدواء".
وأصاف رئيس غرفة الدواء، في تصريحات لـ"النهار"، بأن هناك نقص فى الأدوية لأكثر من 40%، ونقص مجموعات كاملة من الأدوية التى تخص مرضى الضغط والسكر والقلب والأدوية المزمنة والأورام، كل ذلك ينذر عن وجود كارثة وعدم وضوح الرؤية".
ويقترح فاروق ضرورة أن يكون هناك لجنة مكونة من المختصين بصناعة الأدوية تقوم بمراجعة كافة أسعار الأدوية ووضع تسعير عادل للدواء، موضحا أن هناك أدوية سعرها ثابت وهناك أدوية فى حاجة لزيادة سعرها، وأيضا هناك أدوية انخفضت قيمة أسعارها بشكل مبالغ فيه السوق العالمى لكن لم ينخفض سعرها، منوها أن هذا الأمر لن يستغرق سوى شهرين فقط.
ويؤكد أن ارتفاع أسعار الأدوية ووجود نقص بها فى الأسواق قطعا سيؤثر على المواطن، لذا لابد من أن يكون هناك قرار تسعيرى آخر يواكب الزيادات التى تحدث فى الأسواق أو يتم الالتفات التعديل الذى وضعه المختصون بصناعة الدواء إلى قرار التسعير فى المادة 499 لسنة 2012 منذ 4 سنوات.