النهار
الأحد 22 ديسمبر 2024 07:35 مـ 21 جمادى آخر 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

عربي ودولي

بسبب غزة.. انقسام داخل فرنسا يضع ماكرون في حيرة

في الأيام التي تلت هجوم حماس على إسرائيل، ألقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خطابا وطنيا تعهد فيه “بتضامنه غير المشروط” مع إسرائيل.

وبعد شهر، انحرف عن مساره لتصحيح التوازن، فنظم مؤتمراً لدعم غزة، وانضم إلى الدعوات المطالبة بوقف إطلاق النار.

في الأيام والأشهر التي تلت العملية البرية والغارات الجوية الإسرائيلية، عزز ماكرون دعمه لغزة، وقام بتنظيم عمليات إسقاط المساعدات جوا مع الأردن، بل وأرسل سفينة حاملة طائرات هليكوبتر تحولت إلى مستشفى لعلاج عدد قليل من المرضى الفلسطينيين المسموح لهم بدخول مصر.

طوال الأشهر الستة من الحرب بين إسرائيل وحماس، تعهد ماكرون مرارا وتكرارا ببذل كل ما في وسعه لمكافحة عودة معاداة السامية في فرنسا، خلال حفل أقيم لمنظمة يهودية في الإليزيه قبل بضعة أسابيع.

وفي اليوم التالي للحفل، كان في مرسيليا يواسي امرأة تبكي بسبب فلسطين وتتوسل إليه لفعل شئ بشأن غزة ووقف نزيف الأطفال، وأكد ماركون أنهم يبذلون جهد كبير لكنه لا يسيطر على الأمور.

وفي فرنسا، سعى ماكرون جاهدا إلى تحقيق التوازن بين الجاليات المسلمة واليهودية الكبيرة والمنقسمة بشدة في فرنسا وهي الأكبر في أوروبا.

إن المجتمع الفرنسي عبارة عن برميل بارود من التوترات، مع اندلاع أعمال عنف منتظمة في الضواحي الساخطة التي تسكنها أغلبية مسلمة، الأمر الذي أدى إلى زيادة الشعور بانعدام الأمن وتغذية المشاعر المعادية للمسلمين، وعلى مدى الأعوام الماضية، سعت فرنسا إلى فرض المزيد من القوانين والقواعد التي تحمي العلمانية ضد الإرهابيين، الأمر الذي أدى أيضاً إلى تنفير العديد من المسلمين الفرنسيين.

وينفي الخبراء والدبلوماسيون أن الدبلوماسية الفرنسية تحددها محاولات ماكرون للتغلب على تعقيدات السياسة الداخلية المحملة بتجدد معاداة السامية وانتشار كراهية الإسلام والمخاوف من الإرهاب، ولكن كلما طال أمد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، كلما أصبحت فرنسا أشبه بنقطة اشتعال.

وقال برونو جنبارت، خبير استطلاعات الرأي في OpinionWay، إن هناك لعبة توازن مزدوجة داخلية وخارجية، مع جهود الدبلوماسية وضرورة صياغة الوحدة الوطنية.

وأضاف أن ماكرون والحكومة خائفان للغاية من الانقسامات حول هذا الموضوع، وقد خلق الصراع في إسرائيل وغزة الكثير من التوترات داخل فرنسا.

وفقاً لمؤسسة استطلاعات الرأي جانبارت، فإن عقداً من الإرهاب أدى إلى تغذية "شعور متزايد" في فرنسا بأن "الإسلام والإسلاموية على وجه الخصوص، يشكل تهديداً لفرنسا وأمنها".

وأدت الهجمات إلى تصاعد المشاعر المعادية للمسلمين وسط تمييز منتشر على نطاق واسع في قطاعات مختلفة من المجتمع الفرنسي، وركزت السلطات الفرنسية على انتقاء علامات منخفضة المستوى تشير إلى التطرف لمنع الهجمات، مما أدى إلى خلق جو من الشكوك.

أفاد استطلاع للرأي أجري مؤخراً أن 66% من المسلمين الفرنسيين يشعرون بالتمييز ضدهم، لا سيما بسبب الإجراءات الفرنسية لحماية العلمانية في المجال العام .

وفي الساعات الأربع والعشرين التي تلت الهجمات في إسرائيل، عززت فرنسا الإجراءات الأمنية حول المدارس اليهودية والمعابد اليهودية، خوفا من تصاعد الهجمات على اليهود الفرنسيين.

ووفقا لأرقام وزارة الداخلية، زادت الهجمات ضد اليهود في فرنسا بنسبة 1000% في الأشهر الخمسة الماضية .

يقول مارك هيكر الباحث في شؤون الشرق الأوسط، إن هناك خوف من العنف يعود إلى زمن الانتفاضتين، ففي كل مرة يشتعل فيها الوضع في إسرائيل والأراضي الفلسطينية، هناك تصاعد في أعمال العنف بين المسلمين واليهود في فرنسا.

ويأتي هذا على خلفية تصاعد العنف بين اليهود والمسلمين في السنوات الماضية، بما في ذلك العديد من عمليات القتل التي حدثت لليهود، وارتفاع عدد اليهود الذين يغادرون فرنسا إلى إسرائيل، منذ عام 2015، انتقل ما يصل إلى 7000 يهودي فرنسي إلى إسرائيل سنويًا، مقارنة بـ 2000 سنويًا في العقد الأول من القرن 21، منذ 7 أكتوبر قدم حوالي 1200 مواطن فرنسي طلبًا للانتقال إلى إسرائيل، وفقًا لوزير الهجرة الإسرائيلي .

تراقب فرنسا عن كثب تزايد أعمال العنف، وتشديد الإجراءات الأمنية حول المدارس اليهودية وأماكن العبادة وزيادة التحقيقات الأمنية قبل دورة الألعاب الأولمبية في باريس ، مع التخطيط لإجراء تحقيقات خلال الشهرين المقبلين.

موضوعات متعلقة