النهار
الجمعة 22 نوفمبر 2024 01:53 صـ 20 جمادى أول 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
البرلمان العربي يدين تهديدات كيان الاحتلال الإسرائيلي بضرب العراق فصل التيار الكهربائي عن مناطق بحي السويس في السويس لمدة 5 ساعات.. اعرف المواعيد الزناتى: مصر وتونس قواسم وتحديات مشتركة من الدولة الفاطمية حتي الربيع العربي رد الفعل العالمي على مذكرة إيقاف نتنياهو.. من إجراءات عقابية وتشريعات ضد المحكمة الجنائية لتهديدات بالغزو! وزيرة خارجية السويد: ندعم العمل للمحكمة الجنائية على قرار اعتقال نتنياهو أخذا بالثأر.. مقتل شاب بالبحيرة بسبب مشاجرة قديمة على أولوية الري رئيس جامعة حلوان يكرم طالب لتميزه في منتدى ”صُنّاع الإعلام” بمدينة كالينينغراد الروسية رئيس حي جنوب الغردقة يقود حملة مسائية مكبرة لرفع الإشغالات وزير الشؤون الدينية في إندونيسيا يفتتح منتدى بازناس الدولي 2024 بجاكرتا حقوق عين شمس تعقد محاضرة تعريفية حول «برامج الدراسات العليا» بكلية القانون جامعة «كوين ماري» وفاة الكاتبة الألمانية أورسولا.. عجوز بعمر 95 عاماً مسجونة بسبب ”جريمة رأي”! دعوات أوروبية لتنفيذ قرار اعتقال نتنياهو وجالانت بتهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية

عربي ودولي

فاضي مصري: رفض تهجير الفلسطينيين لإفشال مخطط إسرائيل للشرق الأوسط الجديد

يُثار التساؤل عن أسباب الموقف الثابت لمصر هو موقف تاريخي عن رفض التهجير القسرى للفلسطينيين الذى تسعى إليه إسرائيل بتنفيذها استراتيجية الجحيم بقطاع غزة بالقصف والحصار والتجويع لتنفيذ مخطط التهجير القسرى لسكان قطاع غزة إلى سيناء،وهو ما ترفضه مصر بثبات حفاظًا على وطن فلسطين وعدم تصفية القضية الفلسطينية وحفظًا للأمن القومى المصرى، رغم ما تقوم به إسرائيل من فظائع جرائم حرب وضد الإنسانية بالمخالفة الصارخة للقانون الدولى

وفى سبيل معركة الوعى القومى العربى والمصرى أجرى المفكر والمؤرخ القضائى القاضى المصرى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة دراسة مهمة بعنوان لماذا ترفض مصر التهجير القسرى للفلسطينيين؟ نظرات فى معركة الوعى ونعرض للجزء الأول فى خمس نقاط

التهجير فى العقل الإسرائيلى

يقول الدكتور محمد خفاجى، إن جوهر العقيدة الصهيونية منذ 1948 حتى اليوم هي عقيدة التهجير القسري للشعب الفلسطيني من خلال ترسيخ الهيمنة الإسرائيلية اليهودية، لمحوهم من سياق التاريخ واستبدالهم بمجتمع المستوطنين بالاستيلاء التدريجي على الأراضي الفلسطينية لصالح المجتمعات الإسرائيلية اليهودية. وضمت الحكومة الإسرائيلية أجزاء كبيرة من الضفة الغربية المحتلة فضلا عن إبادتها وتديرها لقطاع غزة، في انتهاك صارخ للقانون الدولى، بل قام الكنيست الإسرائيلى بالموافقة على مشروع قانون لإضفاء الشرعية على حوالي 70 بؤرة استيطانية في الضفة الغربية.

إن حق اللاجئين والمهجرين قسريًا من الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم هو أمر راسخ بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان وقرارات الأمم المتحدة وأهمها القرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة فى 11 ديسمبر 1948، ورغم مرور قرن إلا ربع من الزمان فشل المجتمع الدولي، على مدى السنوات الـ 76 عامًا الماضية، في فرض احترام قرار الأمم المتحدة رقم 194 لسنة 1948 بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة، واستعادة الممتلكات والتعويض. ومازالت إسرائيل عقديدتها الأساسية التهجير القسرى وهو ما رفضته مصر بشدة فى موقف حازم وثابت لا تبديل فيه ورغم انتهاكات إسرائيل الصارخة للقانون الدولي، وقمعها لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، فقد فشل المشروع الصهيوني الاستعماري على مدار 76 عاما، فلم تنجح إسرائيل في محو الشعب الفلسطيني من سياق التاريخ بل ازداد جيلًا بعد جيل ارتباطًا بأرضه فى الذاكرة الجماعية.

التهجير القسري والمطول للفلسطينيين

ويضيف الدكتور محمد خفاجى أن أي محاولات من قبل إسرائيل لترحيل الفلسطينيين من قطاع غزة وإكراههم على تهجيرهم قسريًا سيشكل انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي وجريمة وحشية، وتحلم إسرائيل بنزوح الفلسطينيين سكان غزة كلاجئين على غرار الأحداث الكارثية التي وقعت عام 1948، والمعروفة باسم "النكبة"، والتى لم تسمح لهم إسرائيل بالعودة مرة أخرى إلى ديارهم جيلًا بعد جيل.

ويشير إن مصر تدرك أن التهجير القسرى للفلسطينيين سيؤدى إلى تصفية القضية الفلسطينية دون أي ضمانات للعودة مرة أخرى إلى الديار الفلسطينية، وهو ما يشكل انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي، وجريمة ضد الإنسانية، ويجب على المجتمع الدولي الذى يعيش فى لحظات حرجة أن يمنع بشكل قاطع أي تهجير قسري للفلسطينيين، سواء داخل قطاع غزة أو خارجه.

ويؤكد إن التدمير الإسرائيلي واسع النطاق للمنازل والبنية التحتية المدنية، إلى جانب القصف والحصار المستمرين، جعل غزة غير صالحة للعيش بقصد دفع السكان للنزوح القسري المطول عبر الحدود، بلا عودة إلى الوطن ، ووفقا للمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة، يحظر النقل القسري الفردي أو الجماعي، وكذلك نفي الأشخاص المحميين من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال أو إلى أراضي أي دولة أخرى، محتلة أو غير محتلة، بغض النظر عن دافعهم، كما أنه وفقًا للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية فإن "ترحيل أو نقل - من جانب دولة الاحتلال - كل أو أجزاء من سكان الأراضي المحتلة داخل هذه الأراضي أو خارجها" يشكل جريمة حرب في النزاعات المسلحة الدولية.

ولفت إن القواعد الأساسية للقانون الدولي الإنساني، وكذلك حظر العدوان، وحظر الإبادة الجماعية، وحظر الجرائم ضد الإنسانية، أضحت مدونات لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة باعتبارها معايير قابلة للتطبيق عالميًا وتسمو هرميًا فوق القواعد الأخرى للقانون الدولى، لذا أصبح الانتهاك الجسيم والمنهجي لمثل هذا الالتزام يلقى التزامًا على جميع الدول بالتعاون والتضامن في وضع حد للسلوك غير المشروع من خلال التدابير العاجلة التي تهدف إلى حث الدولة المرتكبة للمخالفات على الامتثال لالتزاماتها الدولية .

ثالثًا: إسرائيل تسعى لهدفين لتهجير الفلسطينيين قسريا هما إخراج الفلسطينيين من سياق التاريخ وخلق زعزعة لاستقرار مصر التى تناضل فيها لمواجهة الإرهاب فى سيناء

ويذكر الدكتور محمد خفاجى رفضت مصر التهجير القسرى للفلسطينيين إلى شبه جزيرة سيناء مثلما رفضته طوال العقود التالية لعام 1948 من أجل أن يبقى الوطن لفلسطين ومن أجل إقامة دولة فلسطينية، لأن مصر تدرك إنه إذا اُجبر الفلسطينيون على التهجير القسرى فلن تسمح لهم إسرائيل أبدًا بالعودة إلى غزة، فالتاريخ يقول أن 70% من سكان غزة هم أنفسهم لاجئون نزحوا قسرًا من إسرائيل الحالية خلال نكبة عام 1948 ولم تسمح لهم إسرائيل بالعودة إلى ديارهم حتى الاَن بل تسعى إلى طردهم من سائر الأراضى الفلسطينية خاصة قطاع غزة.

ويشير إن إسرائيل تسعى لهدفين لتهجير الفلسطينيين قسريا لسيناء هما إخراج الفلسطينيين من سياق التاريخ وخلق زعزعة لاستقرار لمصر فى سيناء التى تناضل فيها لمواجهة الإرهاب، حيث تهدف من تهجير الفلسطينيين قسريًا إلى شبه جزيرة سيناء تصفية القضية الفلسطينية من ناحية، ومن ناحية أخرى تهدف إسرائيل إلى زعزعة استقرار شبه جزيرة سيناء حيث أنها تعلم أن الجيش المصري يقاتل بضراوة الجماعات المسلحة المتطرفةالمرتبطة بتنظيم الدولة الإسلامية داعش منذ عام 2013. ورغم كل الصعاب تبذل مصر جهودا كبيرة من أجل وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس وتقديم المساعدات الإنسانية وسط مخاطر الحرب الحالية.

رابعًا:تأسيس إسرائيل وتدمير فلسطين وجهان لعملة واحدة ونكبة 1948 أدت إلى تهجير 750 ألف فلسطينى لم يعودوا حتى الًان

ويذكر إن تأسيس إسرائيل وتدمير فلسطين وجهان لعملة واحدة، ونكبة 1948 على جميع الفلسطينيين أدت إلى تهجير ما يقرب من 750 ألف فلسطينى من منازلهم بسبب الرعب في أعقاب المذابح التي ارتكبتها الميليشيات اليهودية بحق المدنيين الفلسطينيين ولم يعودوا إلى ديارهم حتى الاَن ، لقد طردت إسرائيل المسلمين والمسيحيين الفلسطينيين، بأعدادهم وملكيتهم الساحقة للأراضي من أجل تأسيس دولتهم اليهودية ، واستولوا على منازلهم وقراهم ودمروا غيرها، ومنعت بعنف عودتهم حتى يومنا هذا !

ويؤكد إن حلم إسرائيل التهجير القسري للفلسطينيين مازال يراودهم منذ 76 عامًا لم ينته أبدًا ، وفى ظل حكومة مجرم الحرب نتنياهو تسارعت وتيرة الاستيطان في القدس وفي جميع أنحاء الضفة الغربية، وشجعها اعتراف دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونظرًا لأن المستعمرين يلقون مقاومة دائمة من أصحاب الأرض فقد تفاقمت مظالم نكبة 1948 واستمر نهجها حتى الاَن فى التدمير والتهجير والتعذيب، والاغتيال، وهدم المنازل، وسجن الأطفال الفلسطينيين لأنهم الأمل الحقيقى فى المقاومة.

خامسًا:إسرائيل نجحت خلال 76 عاما فى منع إقامة الفلسطينيين لدولتهم لكنها فشلت استراتيجيًا في تقليص عدد الفلسطينيين الخاضعين لحكمها بأعداد أكبر ولن تنعم بالأمان

ويوضح الدكتور محمد خفاجى إن إسرائيل نجحت خلال 76 عاما فى منع إقامة الفلسطينيين لدولتهم لكنها فشلت استراتيجيًا في تقليص عدد الفلسطينيين الخاضعين لحكمها بأعداد أكبر ولن تنعم بالأمان، صحيح أن إسرائيل تمكنت من التغلب على مسعى الفلسطينيين لإقامة دولة لهم. ولكن هناك قدر مماثل من الفشل الاستراتيجي أو أكبر منه يتمثل فى فشلها في تقليص عدد الفلسطينيين الخاضعين لحكمها بأعداد أكبر. ومرة أخرى تقول أحدث الإحصاءات يفوق عدد الفلسطينيين داخل فلسطين التاريخية (6.50 مليون) وعدد السكان اليهود (6.44 مليون).بل وعلى المستوى العام فى التعداد يفوق الفلسطينيون اليهود أنفسهم حيث عدد سكان فلسطين الاجمالى (14،5 مليون منهم 6،50مليون مقيمين فى فلسطين و6 مليون لاجئ فى الشتات حول العالم، و 2 مليون فلسطيني في أراضي 1948،) بينما عدد السكان اليهود (9،364 مليون)

ويختتم الفقيه المصرى على إسرائيل أن تكف عن الإبادة الجماعية أو عمليات الطرد الجماعي المتجددة، وليس لها خيار أخر سوى الندم، وستدرك إسرائيل يوما ما أن أمن اليهود الإسرائيليين على المدى الطويل يمكن خدمته بشكل أفضل من خلال احترام حقوق الفلسطينيين في الحياة والكرامة بدلًا من قيامها بالاستيلاء على أراضيهم، والتمييز ضدهم على أساس عرقهم، وقمع مقاومتهم بعنف وقهر فلا سبيل سوى بإقامة دولتين تتقاسمان السلام على وضع ما قبل 1967.