بعد خروج مستشفيات غزة من الخدمة.. سفينة حربية فرنسية تعالج الضحايا الفلسطينيين جرحى
تعرض الطفل يزن، البالغ من العمر ثلاثة عشر عامًا، لإصابة بشظية ناتجة عن غارة جوية إسرائيلية أثناء لعبه كرة القدم خارج منزله في رفح، قبل وقف إطلاق النار في نوفمبر.
نقل من مستشفى إلى آخر في خان يونس جنوب قطاع غزة بعد إصابته في قدمه، تجربته مع العلاج تعكس التحديات التي تواجه الأطفال الفلسطينيين الذين يعانون من الإصابات الخطيرة في ظل نقص الإمدادات الطبية الناجم عن الصراع مع إسرائيل.
يزن الذي يجلس على كرسي متحرك بجبيرة على قدمه، يقول لصحيفة بوليتيكو التي أجرت تقرير عن المستشفى: "ذهبت إلى ثلاثة مستشفيات لكنهم لم يتمكنوا من وقف النزيف".
على متن حاملة طائرات الهليكوبتر الفرنسية ديكسمود، تم تحويل السفينة إلى مستشفى عائم إرسلتها فرنسا لتقديم المساعدة للمستشفيات غزة المنهكة، ولا يُسمح إلا لعدد قليل من المرضى وأقاربهم، بضع عشرات يوميًا، بالعبور عند معبر رفح الحدودي مع مصر، حيث يتم فحصهم من قبل السلطات الإسرائيلية والفلسطينية والمصرية، ويُسمح فقط للرجال الذين عانوا من إصابات خطيرة وغيرت حياتهم بالخروج.
بالنسبة للطاقم المتواجد على متن السفينة ديكسمود، فإن مواجهة الأزمة الإنسانية في غزة تمثل تحديًا فريدًا ومعقدًا.
قال ألكسندر بلونس قائد السفينة ديكسمود، إنهم يشاهدون القتال بوضوح، خاصة في فترة المساء، حيث يتحرك الإسرائيليون من الشمال إلى الجنوب، ويقتربون الآن من خان يونس، مشيرا إلى أنهم سفينة حربية ولهم القدرة على اكتشاف طائرات باستخدام راداراتنا، مما يساهم في توفير معلومات للحكومة الفرنسية حول الوضع.
أضاف بلونس أن السفينة ديكسمود ترسو في ميناء العريش المصري بشمال سيناء، على بعد 25 ميلاً من معبر رفح، وفي الأيام الصافية يمكن رؤية القصف على قطاع غزة من فوق الجسر.
فيما قالت ساندرين ساليس مدير المستشفى على السفينة الحربية ديكسمود، إن الأطباء العسكريين يعملون عادةً بالقرب قدر الإمكان من منطقة القتال، فهم يسمعون أصوات القنابل، ويتعرضون للخطر باستمرار، كما أن الجرحى الذين ينقلون إليهم يعانون من إصابات خطيرة، فهم يواجهون تحديات مماثلة في بلدان أخرى مثل أفغانستان ومالي وتشاد ولبنان.
أضافت ساليس، إن المرضى الذين يصلون المستشفى تلقوا بعض العناية الأولية، ولكن يتبع ذلك فترة طويلة من التأخير... يوجد تأخير كبير جدًا، مشيرة إلى تحديات نقص الموارد والبنية التحتية في غزة.
وأوضحت إنه يجب على الأقارب أولاً نقل المرضى إلى المستشفى، وهناك عدد قليل من المستشفيات التي تعمل في غزة، ثم يجب عليهم نقلهم إلى رفح، مأكدة أن المرضى الذين يعانون من إصابات خطيرة نادراً ما يصلون إلى هذه المرحلة.
بالإضافة إلى الإصابات الناتجة عن القصف، يواجه المرضى الفلسطينيون مشاكل أخرى مثل نقص التغذية والعدوى وقروح الفراش والصدمات النفسية، هذا ما أكدته ساليس: "نواجه العديد من الجروح الملتهبة، التي تعاني من بكتيريا مقاومة للعقاقير، لذا نحتاج إلى مضادات حيوية معقدة لعلاجها".
على متن السفينة، يسعى الطاقم الطبي إلى تخفيف التوتر ورعاية المرضى بشكل شامل، بدءًا من الأطفال الصغار وصولًا إلى البالغين، من خلال إدخال بعض الأنشطة الترفيهية والتسلية، يتم ذلك من خلال توفير ألعاب الورق وكتب التلوين وألعاب كرة القدم وكرة السلة، مما يساهم في جعل الحياة داخل المستشفى أكثر طبيعية قدر الإمكان.
قالت الممرضة بريجيت أرنولد، أنه عندما يصل الأطفال إلينا، غالبًا ما يكونون في حالة من الخوف والانعزال، يتشبثون بأهلهم بقوة، لكن من خلال تقديم الرعاية والتفاني، يتغير الوضع تدريجيًا، وفي اليوم التالي يصبح الأطفال أكثر انفتاحًا، ويشعرون بالأمان والراحة بفضل البيئة الداعمة والعناية الطبية المتخصصة.
بانتهاء مهمة السفينة "ديكسمود" وعودتها إلى فرنسا هذا الأسبوع، يبقى العديد من المرضى في حاجة ماسة للعلاج، والعديد منهم يحتاجون إلى المساعدة وهم على بعد مسافة قليلة فقط.
وفي هذا تقول كبير الأطباء على السفينة: "من المحبط أن ندرك أن هناك الكثير من الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدتنا، ومع ذلك، فإننا لم نتوقف أبدًا عن تقديم الرعاية هنا، وقد استخدمنا مواردنا بكل جدية ومثابرة دون توقف".
وأضافت أنه في وجه هذه الأزمة الكبيرة، قد تكون مساهمتهم صغيرة نسبيًا، ولكنها لا تزال جهودًا تستحق التقدير والاحترام.