مندوب فلسطين لدى الجامعة يندد بحرب الإبادة الجماعية المستمرة التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني
أدان السفير مهند العكلوك مندوب فلسطين الدائم لدى جامعة الدول العربية حرب الابادة الجماعية التي ترتكبها اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. معتبرا ان اسرائيل، لم تعد قوة احتلال غير قانوني فقط، ولا نظام فصل عنصري (أبارتايد) فقط، لكنها أضافت لتاريخها الحافل بالجرائم مرحلة دموية جديدة، وهي جريمة الإبادة الجماعية عن سابق نية وقصد وإصرار.
وقال العكلوك في كلمة امام الاجتماع غير العادي لمجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين اليوم انه على مدى 108 أيام، أبادت إسرائيل 25 ألف فلسطيني، وجرحت أكثر من 62 ألف، وخلفت تحت أنقاض البيوت التي دمرتها أكثر من 7 آلف مفقود، 70% من ضحايا الإبادة الجماعية في غزة هم من الأطفال والنساء.
واكد ان إسرائيل ذبحت 11 ألف طفل فلسطيني برئ، بعد أن أعلن رئيس حكومتها أن المعركة بين أبناء النور وأبناء الظلام، وبين الإنسانية وقانون الغاب، وبين الحضارة والبربرية، واصفاً الفلسطينين مرة بالوحوش، ومرة بالعماليق الذين يجب أن يُقضى على رجالهم ونسائهم وأطفالهم الرضّع ومزارعهم وحيواناتهم، مستجلباً دوافع عقائدية لحربه على الشعب الفلسطيني.
واضاف ان الرئيس الإسرائيلي ايضا قال أنه لا يوجد مدنيون في غزة، وأن جيشه سيقاتل حتى يكسر ظهر غزة. فيما قال وزير الدفاع أنه يحارب حيوانات بشرية ويتعامل معهم على هذا الأساس، وأعلن منذ أكثر من مائة يوم، قطع الماء والكهرباء والغذاء والدواء والوقود عن غزة.
ووصف العكلوك هذه الممارسات بأنها حلقات معدودة من مسلسل خطاب الإبادة الجماعية الذي جاهر به المسؤولون الإسرائيليون معلنين للملأ أنهم يبيدون غزة، وقام جيش الاحتلال بإسقاط أكثر من 65 ألف طن من المتفجرات على غزة، مستهدفاً التدمير المنهجي للأحياء السكنية والمستشفيات والمدارس والجامعات والمساجد والكنائس والبينة التحتية.
وقال العكلوك ان جيش العدو الإسرائيلي دمر في غزة كلياً أو جزئياً: أكثر من 360 ألف بيت، و233 مستشفى ومركزا صحيا، و400 مدرسة، ومثلها من المساجد التي يُذكر فيها اسم الله. في غزة اليوم 60 ألف إمرأة حامل، معرضة لخطر الموت قبل أو بعد أو أثناء الولادة، بسبب تدمير كل أسباب الحياة وانتشار الأمراض المعدية هناك.
واوضح ان الهدف الإسرائيلي الأول ليس القضاء على المقاومة في غزة، ولكن تهجير الشعب الفلسطيني خارج أرضه، والحد من تفوقه الديمغرافي في أرض فلسطين التاريخية، وهذا هدف واضح في كل السياسات والجرائم الإسرائيلية التي عملت على نحو ممنهج لتحويل غزة إلى أرض محروقة، ومكان غير قابل للحياة البشرية بالمطلق، ولم يبدأ ذلك في 7 أكتوبر 2023 ولكنه امتد لسنوات طويلة من الحصار منذ عام 2007، وقد حذرت الأمم المتحدة ومؤسساتها المتخصصة مرات عديدة بأن السياسات والممارسات الإسرائيلية جعلت غزة مكاناً غير قابل للحياة البشرية.
وكشف ان الهدف الإسرائيلي بتهجير الشعب الفلسطيني خارج أرضه، يعتبر هدفاً حيوياً لإسرائيل الصهيونية
وذكر انه منذ بداية العدوان الإسرائيلي، تم تهجير نحو مليوني مواطن فلسطيني من بيوتهم، وأصبحوا نازحين داخل قطاع غزة، وتتجلى النوايا الإسرائيلية واضحة لاستكمال تهجيرهم خارج الأرض الفلسطينية عبر دفعهم منهجياً نحو أقصى جنوب قطاع غزة على مقربة من الحدود مع جمهورية مصر العربية، وهذا ما يمارسه جيش الاحتلال عبر القوة الغاشمة، وهذا ما يعلنه رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي ووزراؤه المتطرفون من نوايا ومطالبات متكررة، وهذا ما أعلنته وكالة الأونروا من أن الشعب الفلسطيني يتعرض لأكبر تهجير قسري منذ النكبة عام 1948.
واكد أن التصدي لتهجير الشعب الفلسطيني لا يجب أن يبقى محصوراً في البيانات والمواقف الشفهية الرافضة له، بل يجب أن يتم من خلال إلزام إسرائيل بسلسلة خطوات تشمل: الوقف الفوري للعدوان والقصف والتدمير والقتل، ورفع الحصار القاتل، وضمان تدفق الإغاثة إلى كامل قطاع غزة، ودخول المنظمات الدولية الإغاثية إليه، وإعادة تشغيل المستشفيات والمراكز الصحية، وسرعة تأهيل البنية التحتية الأساسية، والسماح بعودة الحياة وتنقل المواطنين الفلسطينين في كل الاتجاهات داخل قطاع غزة.
وأشار العكلوك الى تصاعد الجرائم الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، حيث تقوم إسرائيل بحملة منهجية واسعة النطاق لتدمير مخيمات اللاجئين الفلسطينيين وبنيتها التحتية، بقصد إعادة تهجير اللاجئين الفلسطينيين وطمس قضيتهم، ولا يمر يوم من الأيام دون اقتحام جيش العدوان الإسرائيلي لعشرات المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، ويتوسع ويتضاعف إرهاب جيش الاحتلال والمستوطنين الإسرائيليين، ويتم قتل وإصابة مئات المواطنين الفلسطينيين، وهدم المنازل واعتقال الآلاف وتعريضهم للتعذيب، وإبقائهم في ظروف غير إنسانية.
كما يستمر الحصار الإسرائيلي المفروض على المسجد الأقصى المبارك لأكثر من مائة يوم، والذي يشمل وضع حواجز عسكرية وأمنية على بوابات المسجد الأقصى بهدف منع المصلين من الدخول إليه وتقويض حرية العبادة فيه، بينما يتم استباحته واقتحامه وتدنيسه وتخريب محتوياته من قبل أفواج يومية من مئات وآلاف المستوطنين الإسرائيليين الذين يتمادون في إقامة طقوس تلمودية داخل المسجد الأقصى.
وقال ان سياسة التهويد والهيمنة الإسرائيلية على مدينة القدس المحتلة، والتي تشمل هدم البيوت بوتيرة غير مسبوقة، وإضافة آلاف الوحدات الاستيطانية غير الشرعية داخل أحياء مدينة القدس المحتلة تتصاعد وتستمر فيما لا تبالي إسرائيل باستفزاز مشاعر الأمة الإسلامية، وإذكاء الصراع الديني والإمعان في تعريض الاستقرار والأمن والسلام في المنطقة والعالم للخطر الداهم.
وأكد العكلوك ان إسرائيل، تحولت من كيان أفسده الدلال المدفوع بعقدة الذنب، إلى مجرم منفلت، فنحن أمام نظام فصل عنصري يصور نفسه بأنه واحة الديمقراطية التي جعلت الصحراء العربية تزدهر، ونحن أمام جيش يذبح ١١ ألف طفل ويدمر المدارس والجامعات ويقصف المستشفيات ويعري الأسرى ويعذبهم، ثم يأتي جندي إسرائيلي ليقدم هذا الدمار والقتل والتعذيب كهدية عيد ميلاد لابنته، وجندي آخر يهديه لزوجته، وآخرون يرقصون على دمار ألعاب الأطفال، في صور ومشاهد متكررة تأتينا كل يوم على الهواء مباشرة، ثم يخرج نتنياهو ووزير جيشه ليقولا عبارات مضللة كاذبةو وقحة: أن الجيش الإسرائيلي هو الأكثر أخلاقاً حول العالم!
وأكد العكلوك أن السكوت عن الجريمة جريمة، وتقديم أو تصدير السلاح والذخيرة للمجرم هو شراكة كاملة في الجريمة، وعدم حماية الشعب الفلسطيني، وإنصاف ضحاياه هو اختلال عميق في ميزان .
ووجه الشكر لكل الشعوب والدول والبرلمانات والمنظمات، التي ناهضت الجريمة وعبرت عن ضمير الإنسانية، وللدول التي أحالت جرائم الاحتلال الإسرائيلي إلى محكمة العدل الدولية.
وقال ان المنظومة الدولية التي تسترت على بشاعة الجرائم الإسرائيلية، تتعرض إلى اهتزاز قوي، سيؤدي لسقوط الأقنعة الزائفة، إما أن يتم إنقاذ العدالة التائهة والإنسانية النازفة، أو أن تفلت إسرائيل مرة أخرى من العقاب وتضمن الحصانة، فتسقط آخر فرصة للعدالة ويسقط معها الأمل بالنظام الدولي. لكن الأكيد أننا بدأنا نشهد نهاية إسرائيل، كنظام احتلال وفصل عنصري، يمارس الاضطهاد والإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، لأن تلك المشاهد التي تفاخر بها وزراء وقادة وجنود العدو الإسرائيلي، من ذبح الأطفال والنساء وتدمير البيوت والمستشفيات والمدارس والمساجد، لن تمحى من ذاكرة الشعوب والإنسانية، ولكنها أصبحت دليل لإدانة إسرائيل من قبل الرأي العام العالمي قبل أن تُدان في المحاكم الدولية.
ودعا العكلوك لتشكيل لجنة عربية مؤقتة مفتوحة العضوية من المندوبين الدائمين والأمانة العامة، لدراسة إجراءات عربية يمكن القيام بها على المستويات القانونية والاقتصادية والسياسية والدبلوماسية، من قبل الدول والبرلمانات ومنظمات المجتمع المدني العربية، من أجل تفعيل وتنفيذ مضامين هذا القرار، وإصدار تقريرها وتعميمه على الدول الأعضاء خلال أسبوع من تاريخه.