كيف ستواجه إسرائيل اتهامات الإبادة الجماعية في غزة بلاهاي؟
في نوفمبر، حث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو القوميين اليمينيين والمتدينين في حكومته الائتلافية على توخي الحذر في كلماتهم عندما يتحدثون عن النتائج المرجوة للحرب على حماس.
وقال في اجتماع لمجلس الوزراء، إن كل كلمة لها معنى عندما يتعلق الأمر بالدبلوماسية، محذراً من أن التحدث في غير مكانه يضر بشرعية إسرائيل الدولية.
أعضاء الحكومة الإسرائيلية يطلقون تصريحات مثيرة للجدل، ما يدفع رئيس الوزراء نتنياهو إلى دعوتهم لتوخي الحذر، في وقت يشهد فيه النزاع بين إسرائيل وحماس توترًا متزايدًا، تبرز تصريحات المسؤولين الإسرائيليين التي تشير إلى احتمالات مثل ضم قطاع غزة وطرد الفلسطينيين، وهو ما يزيد من توتر الأوضاع الدبلوماسية والقانونية.
ومن بين هذه التصريحات المثيرة، يبدو أن وزير الزراعة آفي ديختر يروج لفكرة "نكبة غزة"، ما يعكس حساسية الوضع وتأثير الحرب على الفلسطينيين.
ويأتي ذلك بعد تصريحات لوزير التراث أميهاي إلياهو حول التفكير في استخدام قنبلة نووية على غزة، وهو أمر أثار ردود فعل دولية غاضبة واستنكارًا عالميًا.
هذا النوع من التصريحات "الخروج عن النص" يثير قلق بالغ بين حلفاء إسرائيل الغربيين، الذين يشعرون بعدم الارتياح إزاء تصاعد العنف والمأساة الإنسانية في غزة، وتجعل هذه التصريحات من الصعب على الحلفاء دعم حملة إسرائيل العسكرية والتفاوض بشأن الأوضاع الإنسانية في القطاع.
قانون أبناء مانديلا
مع إعلان بريتوريا نيتها اللجوء لمحكمة العدل الدولية بشأن اتهامات الإبادة الجماعية، تزداد حدة الضغوط على إسرائيل من الناحية القانونية والدبلوماسية، مما يضعها في مأزق دولي يتطلب تصرفًا دقيقًا وتوخيًا للحذر في التصريحات العامة والأفعال.
إن تداعيات الشكوى المقدمة من جنوب أفريقيا لن تنتهي بسرعة، ومن المرجح أن تطول لفترة زمنية طويلة بعد انتهاء الصراع في غزة.
يشعر المسؤولون الإسرائيليون بالقلق من إمكانية صدور قرار مؤقت من محكمة العدل الدولية، مثلما حدث في قضية روسيا، وهم يعملون جاهدين على تجنب ذلك.
بالطبع، إسرائيل تفضل عدم الخضوع لقرارات قضائية تثير الجدل. فالحكم المؤقت من محكمة العدل الدولية ضدها سيمنح أعداءها نصراً دعائياً كبيراً، وقد يضع البلاد في موقف صعب على الصعيدين الدبلوماسي والعسكري.
تجاهل قرار قضائي من هذا النوع قد يخلق تحديات كبيرة لإسرائيل في علاقاتها مع الحلفاء الغربيين، الذين يشعرون بالإحباط بالفعل من التطورات السياسية الداخلية في بلادهم.
ومن غير المستبعد أن يؤدي هذا الإجراء إلى تراجع دعم الغرب لأهداف إسرائيل في الحرب، مثل تحقيق السلام الدائم وضمان عدم تكرار الهجمات المسلحة في المستقبل.
من المعتاد أن تتخذ إسرائيل خطوات قانونية قوية في مثل هذه الحالات، ولا يشك البعض في أنها ستكون مستعدة لتقديم قضية قوية أمام محكمة العدل الدولية للدفاع عن نفسها ومواجهة اتهامات الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا.
يعمل فريق من المحامين البارزين والمختصين في القانون الدولي بالتنسيق مع وزارات العدل والخارجية والأمن القومي وجيش الدفاع الإسرائيلي على إعداد الدفاع والاستعداد للمرافعة أمام المحكمة.
ومن المتوقع أن يتم التعاون مع محامين دوليين بارزين لتقديم الدعم والمساعدة في هذا السياق، بمن فيهم المحامي الأمريكي المعروف آلان ديرشوفيتز.
بالإضافة إلى ذلك، تسعى إسرائيل إلى الحصول على دعم دولي لقضيتها، وتواصل التواصل مع الحكومات الغربية للحصول على بيانات دعم رسمية، ومن المتوقع أن تطلب من دول مثل أوكرانيا التأكيد الرسمي على دعمها في هذا السياق، خاصة بناءً على التجربة السابقة لأوكرانيا في تقديم قضية أمام المحكمة الدولية.
يعتزم المدافعون عن إسرائيل تقديم تفاصيل دقيقة حول الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها حماس في 7 أكتوبر، بما في ذلك الاغتصاب والقطع والاختطاف والقتل الوحشي للمدنيين الأبرياء بغض النظر عن أعمارهم أو جنسهم، على حد قول هيئة الدفاع عن إسرائيل.
وسوف يحاولون الدفاع عن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، والتأكيد على أن تجنب إسرائيل للخسائر المدنية أمر شبه مستحيل بسبب استخدام حماس للمدنيين كدروع بشرية.
قالت آن هيرزبيرج المستشارة القانونية في منظمة "نجو مونيتور"، وهي منظمة غير حكومية تقدم تقارير عن نشاط المنظمات الدولية غير الحكومية من منظور مؤيد لإسرائيل: "يعتبر الموجز الجنوب أفريقي سخيفًا وهو مثال نموذجي على تشويه الوقائع".
تقوم هذه المنظمة بتسليط الضوء على تكتيكات حماس التي تشمل استغلال البنية التحتية المدنية وتحويل المساعدات الإنسانية لصالح أجندتها العسكرية، وهو جانب يتجاهله الموجز الجنوب أفريقي بشكل كامل.
ستطارد تصريحات ديختر وزملاؤه من اليمين المتطرف دفاع إسرائيل في محكمة العدل الدولية، وعلى الرغم من المناشدة التي قدمها نتنياهو، لم يتوقف هؤلاء الوزراء عن تصريحاتهم المثيرة للجدل.
انتقدت وزارة الخارجية الأمريكية وزيرين إسرائيليين من اليمين المتطرف كانا يضغطان لإعادة توطين الفلسطينيين خارج غزة، ووصفت خطابهما بأنه "تحريضي وغير مسؤول".
هذا الوضع قد يجعل نتنياهو يندم على عدم إجبار شركائه في الائتلاف على التقيد بتوجيهاته بشكل أكثر صرامة.