النهار
الأحد 22 ديسمبر 2024 04:06 مـ 21 جمادى آخر 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
«كاسبرسكي» تستكشف سيناريوهات محتملة لانقطاعات تكنولوجيا المعلومات في عام 2025 إل جي تطلق أول تلفزيون شفاف لاسلكي في العالم بتقنية OLED ودقة 4K هواوي تتصدّر سوق الأجهزة القابلة للارتداء حسب IDC في مستهل 2024 التشكيل الرسمي لمباراة مانشستر يونايتد وبرنموث ”يلا لودو” تُشعل أجواء التحدي في الرياض وسط حضور جماهيري لافت بسبب خلافات أرض.. السجن المؤبد لشابين قتلا مزارع بطلقات نارية في قنا ”معلومات الوزراء” يستعرض تقارير المؤسسات الدولية حول أداء الاقتصاد العالمى موانئ البحر الأحمر: نعمل بصورة طبيعية وتداول 45 ألف طن و975 شاحنة بضائع «سيميكولون للبرمجيات» تكشف عن «Connect Live» لحلول التقنية في السلامة والصحة المهنية نقيب الإعلاميين ينعى حماة رئيس الهيئة الوطنية للصحافة ”البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو” يحصل على تنويه خاص من ”أيام قرطاج السينمائية” «مصر »تفوز بجائزة المنظمة الأفريقية في فئة الإدارة المبتكرة عن مشروع منصة «حياة كريمة رقمية»

حوادث

المستشار محمد خفاجى: القضاء الإسرائيلي يجيز للاحتلال استخدام القوة المميتة بغزة

يقول المستشار محمد عبد الوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، إنه يُثار الاستفهام في نفوس العالم، شعوبه، وقادته بشأن الأسباب التي أدت إلى العنف الدموي في الجرائم المرتكبة في قطاع غزة، يندرج هذا العنف ضمن النزاع المسلح الذي اندلع منذ أكتوبر 2023 بين قوات الاحتلال الإسرائيلي وحركة المقاومة الفلسطينية حماس، وقد أودى هذا النزاع بحياة آلاف المدنيين، وخاصة الأطفال والنساء والشيوخ.

ويتابع، أن هذا الصراع المسلح لم ينشأ فجأة، بل كان نتيجة لسلسلة طويلة من الممارسات الإسرائيلية التي تتجاوز حدود القانون الدولي وتنتهك حقوق الإنسان لسكان غزة.

في إحدى الدراسات القانونية النادرة، يقوم الباحث بفك طلاسم الأسباب الكامنة وراء هذا النزاع على مر العقود، الذي أسفر عن جرائم إبادة جماعية، وجرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية. تكشف هذه الدراسة عن حجم المعاناة التي تكبدها الفلسطينيون جراء تصرفات الاحتلال اللاإنسانية، وتظهر غياب العدالة الإنسانية حتى من قبل القضاء الإسرائيلي، الذي تلجأ إليه الفلسطينيون في محاولة للتصدي لتلك التجاوزات البغيضة.

وفي إطار تقديم الدراسة الشاملة، يستعرض المفكر والمؤرخ القضائي الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي في دراسته الموسومة "أحكام القضاء الإسرائيلي الغائبة عن العالم بشرعنة جرائم الاحتلال غير الإنسانية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة بمخالفة لحقوق الإنسان"، وهي مجهود شاق قاده لفهم جوانب الأحكام باللغة العبرية.

وننتقل إلى الموضوع الرابع في دراسته، حيث يتناول حكم المحكمة العليا الإسرائيلية الذي يجيز لقوات الاحتلال استخدام القوة المميتة ضد سكان غزة في قواعد الاشتباك. يبرز الحكم استخدام القوة المميتة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة بمخالفة لمعايير الضرورة والتناسب المعترف بها دوليًا، ويشير إلى انتهاك إسرائيل لاتفاقية جنيف الرابعة التي تنص على ضرورة معاملة الأفراد بشكل إنساني. سنستعرض هذه النقاط فيما يلي:

أولًا: وقائع القضية المرفوعة ضد رئيس الأركان العامة للجيش الإسرائيلي

يقول الدكتور محمد خفاجى إن وقائع الموضوع تعود إلى تاريخ 30 مارس 2018، أثناء احتجاجات فلسطينية حاشدة نظمت في عدة أماكن مختلفة على طول السياج الفاصل بين قطاع غزة وإسرائيل. استخدمت قوات الأمن الإسرائيلية القوة المميتة ضد سكان غزة المحتجين بالقرب من السياج. وطلب المدعون، وهم عدد من منظمات حقوق الإنسان - خمس منظمات غير حكومية إسرائيلية ومنظمة غير حكومية فلسطينية واحدة - إبطال أي قواعد اشتباك تمكن قوات الأمن الإسرائيلية من استخدام القوة المميتة ضد سكان غزة المحتجين بالقرب من السياج ما لم يشكلوا تهديدًا وشيكًا وفعليًا لحياة الإنسان.

وأضافوا في دعواهم أن قواعد الاشتباك تسمح لقوات الاحتلال باستخدام الذخيرة الحية ضد "المحرضين الرئيسيين"، الذين يدعون المتظاهرين إلى التحرك نحو السياج، حتى لو لم يشكل المحرضون خطرًا مباشرًا. وترتب على تطبيق قواعد الاشتباك، قتل العشرات من المتظاهرين وأصيب الآلاف.

وفي ختام دعواهم، طالبوا بالتعامل مع الاحتجاجات في غزة على أنها احتجاجات مدنية، على الرغم من دور حماس في تنظيم الاحتجاجات وانتماء عدد من المشاركين إليها، والعديد منهم قتلى وجرحى خلال الاشتباكات. واستنتج المدعون أن العدد الكبير من الضحايا يشكل دليلًا قاطعًا على انتهاك جيش الدفاع الإسرائيلي لقواعد الاشتباك بما يتعارض مع القانونين الدولي والإسرائيلي.

ثانيًا: الحكومة الإسرائيلية تستخدم القوة المميتة ضد سكان غزة في النزاع المسلح مع حماس

تقول الحكومة الإسرائيلية ردًا على الدعوى إن استخدامها للقوة المميتة في غزة يحدث في إطار النزاع المسلح بين حماس وإسرائيل، وبالتالي يحكمه قانون النزاع المسلح وليس القانون الدولي لحقوق الإنسان الذي تعترض إسرائيل تقليديًا على تطبيقه على حالات النزاع المسلح. وأضافت أنها تستخدم القوة المميتة كملاذ لكل من يشارك بشكل نشط في الأعمال العدائية.

وطلبت الحكومة الإسرائيلية أن تظل قواعد الاشتباك سرية وغير متاحة للرأي العام، وعرضت الحكومة تقديم المعلومات الاستخبارية المتعلقة بالاشتباكات والنسخة السرية من القواعد من طرف واحد في جلسة مغلقة. ولكن رفض الملتمسون السماح بتقديم مواد سرية من طرف واحد، وطلبوا عرض قواعد الاشتباك، واعترضوا على عرض الحكومة لمواد استخباراتية إضافية. وترتب على ذلك أنه لم يتم تقديم قواعد الاشتباك ولا المواد الإضافية إلى المحكمة، بيد أن المحكمة تلقت معلومات – في جلسة علنية – حول جوهر قواعد الاشتباك وحول المخاطر الأمنية التي تمثلها الاشتباكات من العقيد "عيران شامير بورير" بهيئة المدعي العام العسكري في جيش الدفاع الإسرائيلي، وكذلك من اللواء "نيتسان ألون" رئيس فرع العمليات في جيش الدفاع الإسرائيلي.

ثالثًا: المحكمة العليا الإسرائيلية رفضت القضية ومنحت قوات الاحتلال استخدام القوة المميتة ضد سكان غزة في قواعد الاشتباك

ويضيف في جلسة 26 مايو 2018 أن المحكمة العليا الإسرائيلية رفضت القضية المرفوعة ضد رئيس الأركان العامة للجيش الإسرائيلي ومنحت قوات الاحتلال استخدام القوة المميتة ضد سكان غزة في قواعد الاشتباك. تأسيسًا على دور حماس في الاحتجاجات التي تضمنت أعمال عنف ومحاولات لاختراق السياج الحدودي، والغطاء الذي قدموه للهجمات الإرهابية – على حد تعبير المحكمة - على الحدود وعبرها. وشملت الأحداث إطلاق النار والقنابل اليدوية، ووضع أجهزة متفجرة على طول السياج أو رميها عبر الحدود، وإشعال النيران في الأراضي الإسرائيلية. مما يتيح للقوات الاحتلال استهداف "مثيري الشغب الرئيسيين" و"المحرضين الرئيسيين"، بالرصاص الحي الموجه إلى النصف السفلي من أجسادهم.

رابعًا: استخدام قوات الإحتلال الإسرائيلي للقوة المميتة في الأراضي المحتلة يخالف معايير الضرورة والتناسب المعترف بها دوليًا

يؤكد الدكتور محمد خفاجى إن استخدام قوات الإحتلال الإسرائيلي للقوة المميتة في الأراضي المحتلة يخالف معايير الضرورة والتناسب المعترف بها دوليًا، حيث يستخدم نوع من القوة الغاشمة الهائلة التي يمارسها الجيش في ساحة المعركة ضد منتفضين فى مظاهرة للمطالبة بحقوقهم ضد كيان محتل، فالمعاملة الإنسانية غائبة على الأراضي المحتلة التى تعبر عن حقها فى تقرير المصير من خلال المظاهرات ورشق الحجارة التي أصبحت سمة الانتفاضة.

وأن اختلال التوازن في الأسلحة يؤكد عدم ملاءمة التعامل مع الانتفاضة باعتبارها ثورة مدنية وليس حربًا، إذ يحمل كل جندي بندقية هجومية من طراز M-16، فإن الفلسطينيين المشاركين في الانتفاضة لا يحملون سوى فتات الحجارة، وأن قواعد الاشتباك تسمح صراحة للجنود باستخدام القوة المميتة ردًا على مواقف معينة لا تهدد حياة الجنود أو المارة فى جرائم لا تنطوي على تهديد للحياة.

خامسًا: التحقيقات في أعمال القتل التي يرتكبها جنود جيش الدفاع الإسرائيلي تفتقر إلى المحاكمة الفعلية لتقديم المسئولين عن أعمال القتل غير المبررة إلى العدالة

ويشير أن التحقيقات في أعمال القتل التي يرتكبها جنود جيش الدفاع الإسرائيلي تفتقر إلى المحاكمة الفعلية لتقديم المسئولين عن أعمال القتل غير المبررة إلى العدالة، إذ يفشل محققو الجيش الإسرائيلي في الحصول على شهادة الشهود الفلسطينيين، ولا يطلعون على السجلات الطبية التي من شأنها تسليط الضوء على ظروف القتل، ويتجاهلون عروض الشهود لتقديم الأدلة ذات الصلة مما يقلل من نجاح الملاحقة القضائية ويعزز انعدام الثقة في نظام القضاء العسكري الإسرائيلى، وهذا الفشل في التحقيق والملاحقة القضائية بشكل صارم يعنى أن الجنود لديهم حرية تجاوز فى أوامرهم بإطلاق النار مما ترتب عليه ارتفاع عدد القتلى الفلسطينيين.

وينشر جيش الدفاع الإسرائيلي قواته – قبل الحرب - في الأراضي المحتلة كما لو كانت منخرطة في القتال، ويستخدمون الأسلحة الفتاكة بدلًا من الاَلات الأكثر ملاءمة للسيطرة على الحشود، ومثالها الدروع البلاستيكية والغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه، فضلا عن أن جيش الدفاع الإسرائيلي وضع قواعد الاشتباك ونظام المساءلة الذي سيكون مناسبا لإنفاذ القانون في سياق الصراع المدني حول ملكية الأرض التى تخضع لسلطان فلسطين.

سادسًا: إسرائيل تخالف اتفاقية جنيف الرابعة التى وضعت آلية لإنفاذ القانون بواجب المعاملة الإنسانية، والتمنع عن التحقيق ومعاقبة المسئولين عن الانتهاكات الجسيمة

ويذكر تنشئ اتفاقية جنيف الرابعة آلية لإنفاذ واجب المعاملة الإنسانية من خلال مطالبة سلطة الاحتلال بالتحقيق ومعاقبة المسئولين عن الانتهاكات الجسيمة لهذا الواجب، وتتطلب المادة 146 من الاتفاقية قوة الاحتلال التحقيق في "الانتهاكات الجسيمة" للاتفاقية ومقاضاة مرتكبيها.

وهو يُلزم سلطة الاحتلال "بالبحث عن الأشخاص الذين يُزعم أنهم ارتكبوا أو أمروا بارتكاب مثل هذه الانتهاكات الجسيمة، وتقديم هؤلاء الأشخاص، بغض النظر عن جنسيتهم، أمام محاكمها". وتنص المادة 147 على أن "القتل العمد" و"التسبب عمدًا في معاناة شديدة أو في أذى خطير لجسم أو صحة الأشخاص المحميين" يشكل "انتهاكات جسيمة" للاتفاقية.

في حين أن متطلبات اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بالمعاملة الإنسانية والحماية من العنف تشكل ضمانة هامة للسكان الخاضعين للاحتلال.

سابعًا: الحكم مخالفًا لمفهوم "إنفاذ القانون" بمدونة الأمم المتحدة لقواعد سلوك المكلفين بإنفاذه وفقًا للمعايير الدولية

ويذكر الدكتور محمد خفاجى هذا الحكم ينطوى على مخالفة لمفهوم "إنفاذ القانون" دوليا، والتدوين الموافق للمعايير الدولية بشأن ممارسات الشرطة وهو مدونة الأمم المتحدة لقواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون لعام 1979.

وتنص المادة 3 منها على ما يلي: "لا يجوز للموظفين المكلفين بإنفاذ القانون استخدام القوة إلا عند الضرورة القصوى وبالقدر اللازم لأداء واجبهم". ويوضح الإنفاذ الرسمي للقانون ما يلي: "يعتبر استخدام الأسلحة النارية إجراءً متطرفًا.... بشكل عام لا ينبغي استخدام الأسلحة النارية إلا عندما يُظهر الجاني المشتبه به مقاومة مسلحة أو يعرض حياة الآخرين للخطر بشكل آخر، وتكون التدابير الأقل تطرفًا لا يكفي لتقييد الجاني المشتبه فيه أو القبض عليه". وفي تطبيق هذه المعايير على وضع الانتفاضة، فإن استخدام القوة المميتة ليس متناسبًا مع الضرر الواقع، التى يقتصر استخدامها على المواقف التي تتعرض فيها الأرواح للخطر.

ويختتم الدكتور محمد خفاجى فكم من ظلم وقهر وطغيان عايشه الفلسطينيون من سكان قطاع غزة منذ سنوات طوال من قوات الإحتلال الإسرائيلى وسائر سلطات إسرائيل حتى القضاء منه، ولا يعلم العالم أجمع شيئًا مفصلًا عن أحكام القضاء الإسرائيلى التى شرعنت جرائم الإحتلال وخرقت الالتزامات والواجبات الدولية واغتصبت أرض فلسطين وثرواتها وجعلت من إسرائيل نفسها كيانًا متجبرًا ساميًا مستعليًا مستكبرا فوق البشر والدول،إن سكان غزة تعرضوا لطغمة فاجرة على مدار سنوات مضت ظلت دفينة فى النفوس هديرًا مدويًا لا يتحمله بشر حتى تاريخ 7 أكتوبر 2023.