السفيرة ميرفت التلاوي في حوار لـ”النهار”: مصر لعبت دور كبير في توصيل رسالة القضية الفلسطينية للعالم
ليست بنصف المجتمع ولكنها المجتمع كله ولا يمكن الاستغناء عنها، فإن المرأة تأتي في مقدمة كل شيء لتضع بصمتها الخلابة وسحرها لتقلب الموازين، فلا يقتصر دورها على شيء واحد ولكنها تتمحور في كل الوظائف والمناصب، فهي قاضية ووزيرة وسفيرة وقد يصل الأمر إلى كونها رئيسة جمهورية، فهي تترشح للمناصب وهي على دراية كاملة بالمسؤولية التي ستحملها على عاتقها، وبالنظر إلى الجانب الآخر وهو وضعها وقت الحروب، حيث تقف ثابتة وشامخة في وضعها تحمل في قلبها كل المشاعر الانثوية ولكن يظهر على ملامحها قوة مئة رجل.
وبالتزامن مع الأوضاع الحالية التي يشهدها العالم، حاورت جريدة "النهار" السفيرة ميرفت التلاوي رئيس المجلس القومي للمرأة سابقًا ووكيل أمين عام الأمم المتحدة، حول وضع المرأة في عهد الرئيس السيسي، وكيفية حماية المرأة العربية في وقت الحروب، ونظرتها في القضية الفلسطينية.
بداية.. كيف تري دور المرأة فى المشاركة السياسية ونحن على أعتاب انتخابات رئاسية جديدة؟
المرأة المصرية من أيام السنة الشؤم التى حكم فيها الإخوان مصر وهي تتمتع بحس سياسي قوي، حتى أنها خرجت لتقود المظاهرات والاحتجاجات للتعبير عن عدم الرضا على أحوال مصر فى عهد الإخوان، وكان ذلك واضح جدًا في 30 يونيه أنا شفتها في ميدان التحرير، كانت أكثر إقبالًا ومشاركة من الرجل، كما شاركت بشكل فعال فى الاستفتاء على دستور 2014، وغيرها من الاستحقاقات.. كانت الزوجة تقود أبنائها وزوجها للمشاركة، كانت سعيدة برحيل الإخوان، ومن وقت رحيلهم تسيست المرأة، بمعني أنها أصبح لديها أحساس بأنها جزء من التيار السياسي الحاصل، وأعتقد أن ذلك سيكون نفس الحال في الانتخابات الرئاسية إن شاء الله، وهذا نتيجة أيضًا لما قام به الرئيس عبد الفتاح السيسى من الاهتمام بقضايا المراة، والحرص على حصولها على أعلى المناصب التى لم تكن تحصل عليها قديمًا سواء مناصب سياسية أو حتى قضائية.
هل تحتاج المرأة لمزيد من التدريب والاهتمام والرعاية لثقل خبراتها وإشاركها بشكل أكبر فى الحياة السياسية؟
المرأة بالطبع تحتاج لتدريب، والرجل أيضًا فى حاجة للتوعية والتدريب المستمر، لأن كل سنة يتطور العالم بشكل مختلف وسريع، وخلال ال10 سنوات الماضية شهدت البلد تغيرات كبيرة، ومشروعات عملاقة، إذًا التدريب مطلوب للمرأة والرجل حتي يكونوا على علم بالتطور الذي يحدث، ويكونا مواكبان لتلك التطورات، نشاهد الأوضاع فى مصر تطور بشكل مذهل، وأحد أهم تلك التطورات الميكنة، التى تحتاج لتدريب حتي نستطيع التعامل معها.. وليس المكينة فحسب ولكن حتى الأدوات السياسية تتطور.
الارتقاء بصحة المرأة عبر العديد من المبادرات.. ما تعليقك على المبادرات الصحية التى أطلقت لدعم المرأة المصرية؟
في الحقيقة أنا شايفة إن الرئيس السيسي مشكور تغلب على الضعف الموجود في المستشفيات، وعمل المبادرات الصحية والقوافل الطبية، ودي كانت مهمة ونجحت بشكل كبير، سواء مبادرة القضاء على "فيروس c"،والكشف المبكر عن سرطان الثدي للسيدات، تلك المبادرات أفادت كثيرًا أفراد الشعب المصري كافة، واليوم أصبح الاهتمام بالمرأة ليس اهتمام سياسي فقط، أو وظائف وترقي، ولكن أيضًا اهتمام بالصحة والتعليم.
أورام الثدي صداع فى رأس المرأة المصري.. هل نحتاج لمزيد من الحملات لتوعيةالمرأة بمخاطر السرطان.. وتقديم الدعم اللازم للمصابات به؟
أفتكر سؤالك ده مفيد جدًا لأن أحنا عمومًا رجالة وستات محتاجين لوعي صحي، على كل المستويات بداية من التغذية، وصولًا إلى الأمراض المستعصية، وأنا عندي اقتراح في الحتة دي وهي أن أحنا نعمل كتيب مصغر عن مبادئ صحية معينة، تبقى سهلة على أي شخص سواء متقدم في التعليم او نص تعليم او بادئ في التعليم يفهمها.
وبالنسبة لسرطان الثدي ده ممكن جدًا تفاديه عن طريق إن الست تعرف تكشف على نفسها بنفسها، بحاجات بسيطة، يتم تدريبها عليها، يعني كل اللي مطلوب منها أنها تجسس على نفسها كده، وتعرف إذا كان في ورم تبلغ عنه على طول عشان تتلحق في أولها، والتوعية مهمة جدًا عن طريق حاجات بدائية بسيطة، يعني ممكن بروشير تبقى موجودة في كل بيت بحيث إن أي ست تعرف الموضوع ده ازاي وكيفية التعامل معاه.
الختان يمثل أيضًا صداع فى رأس كل فتاة مصرية.. كيف نجحت الدولة فى توعية الفتيات والأمهات بمخاطر الختان.. والوقوف فى وجه تلك العادات الخطيرة؟
موضوع الختان فى السنين الأخيرة الكل بقى بيتكلم فيه، لكن أنا فاكرة إن من أوائل الناس اللي أثارت هذه القضية هى السيدة عزيزة حسين السيدة كانت صاحبة جمعية أهلية، وكانت مهتمة جدًا بالموضوع ده، وكانوا دائمًا ما يهددونها من أجل عدم الحديث عن هذا الأمر.
ما تم انجازه فى قصة الختان هو تكامل خطوات انجزت على مدار 30 سنة، خطوة بخطوة الناس بدأت تتعامل مع الأمر بجدية، وأتذكر كان فى مؤتمر فى مصر عقد سنة 94 فى قاعة المؤتمرات بمدينة نصر، تحت عنوان "السكان والتنمية"، كان المؤتمر بتاع الأمم المتحدة، والحقيقة كانت مشاكله كتير، لان فيه تنظيم الأسرة وفيه الأجهاض حاجات معقدة يعني مش كل الدول اللي توافق عليها.
توصلنا فى نهاية المطاف بعد مناقشات حادة مع مندوبي الأزهر، بعدم ربط الدين بالختان، وأقنعناهم أن الدين الاسلام ليس له علاقة بالختان أبدًا، بدليل إن لما تروح السعودية ما فيش ختان، ولما تروح المغرب ما فيش ختان، وإنما تلك الظاهرة دخلت مصر لانها عادة افريقية، ونتيجة تلك الجهود النسبة قلت في الصعيد التى كانت تعاني من النسبة الأكبر في موضوع الختان، وبدأ الناس يعرفون الآثار السيئة للختان على الحياة.
ننتقل لجزء اخر متعلق بالقضية الفلسطينية وما تعليقك عن الوضع المأساوي الذي تشهده فلسطين؟
مأساة كبيرة جدًا اللي بيحصل في غزة هناك حالة إبادة جماعية للغزاويين، وحكاية تهجيرهم الى الجنوب دي حيلة، وهيتم ضربوهم في الجنوب أيضًا، والهدف إنهم يجبروا السكان على النزوح إلى رفح ويدخلوا سيناء، ويتم بعدها تهجير سكان الضفة الغربية الى الأردن، وبالتالي تبقى إسرائيل حققت حلمها من النهر إلى البحر، والبلد كلها تبقي بتاعتها وما فيش حاجة اسمها فلسطين.
هذه الأسباب تدعمها أسباب أخري وهي "قناة بن جوريون" وهي مشروع قديم، عبارة عن قناة تربط ما بين البحر الأحمر بالبحر الابيض المتوسط، وعلشان يعملوا القناة لازم تمر بغزة علشان كدا لازم يمشوا السكان والعائد من تلك القناة كبير، هذا بالإضافة إلى البترول والغاز اللذان ظهرا علي سواحل غزة فكيف يذهب خيرهم للفلسطينيين.
كيف تري الدور الذي لعبته مصر من أجل القضية الفلسطينيه وانهاء هذه الأزمة في أسرع وقت؟
مصر لعبت دور كبير فى توصيل رسالة القضية الفلسطينية بشكل واضح، كل يوم الرئيس السيسي يتحدث مع رؤساء دول، وأوصل رسالة واضحة أن سيناء خط أحمر، وأن التهجير القسري ممنوع ومن غير الممكن تصفية القضية الفلسطينية على حساب مصر، الدور المصري والدبلوماسية الكبيرة، كان لها تأثير على رؤساء الدول الغربية والتى حولت تأيدها المطلق لإسرائيل، للتغير شيئً فشيئًا.
وماذا عن رد الفعل الشعبي؟
التأثير الشعبي كان واضح، أول مرة نشاهد مظاهرات في بريطانيا أو في واشنطن وفي نيويورك، وألمانيا وإسبانيا وغيرها من المظاهرات تهتف بحياة فلسطين وتحيا فلسطين وهذا جعل الرأي العام العالمي يقف لأول مرة ضد اسرائيل، وهذا مهم، لإنه أدي إلى تغيير الوعي الغربي تجاه القضية.
دكتورة ميرفت أظهرت دعم كبير للأطفال والنساء فى فلسطين.. فى رأيك ما الذي يمكن تقديمه لدعم المراة الفلسطينية خاصة فى ظل العدون الذي يتعرض له القطاع.. ومعظم ضحاياه من النساء والأطفال؟
أنا كنت مندوبة مصر في الأمم المتحدة في نيويورك، وفي عام 1967 حينما كان هناك عدوان على مصر، قدمت طلب إن يكون هناك حماية للمرأة والطفل في أوقات الحروب، واستندت فى هذا الطلب لقصة حقيقية لسيدة مصرية، قتلت هى وأطفالها فى قصف إسرائيلي، وطالبنا بأهمية وجود إعلان عام لحماية المرأة والطفل في أوقات الحروب، لانهما فى حاجة لرعاية خاصة، وهو ما وافقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولكن إسرائيل لا تحترم القانون القرارات الدولية.
من وجهة نظرك لماذا تستهدف قوات جيش الأحتلال الإسرائيلي المرأة الفلسطينية؟ فوفق الأحصائيات تأتي فى المرتبة الثانية بعد الأطفال
هما بيدعوا أنهم بيقصف قوات "حماس" رغم علمهم أن رؤساء حماس في قطر، سواء إسماعيل هنية او غيره، وما يحدث هو مجرد ضرب عشوائي فى المدنيين، يعني ليه يروح مدارس الأونوروا يضربها، والمستشفيات، وسيارات الإسعاف، أما عن سبب استهداف السيدات، هو يعلم أن الكتلة الأكبر للسيدات والأطفال الصغار، ولذلك فهم المستهدفين، بالإضافة إلى أن إسرائيل تقصف المنازل، ومن يتواجد فى المنازل غير النساء والأطفال، لذلك أرتفع عدد الضحايا من الأطفال والنساء.
شغلتي منصب الوكيل السابق لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة.. من هذا المنطلق كيف تحللي موقف الأمم المتحدة من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة؟
الأمم المتحدة كانت واضحة، وقالت أن ما يحدث فى فلسطين مخالف للقانون الدولي والقانون الدولي الانساني، والعجيب إنه نتيجة لذلك طالبت اسرائيل برفد الامين العام من منصبه، وللاسف الأمم المتحدة يدها مغلولة دائمًا؛ لأن الدول الكبيرة متحكمة، سواء بسبب دفعها الأموال للأمم المتحدة، أو لقوتها في المجتمع الدولي.
هل هناك تهميش متعمد لحق الدولة العريبة فى مناصب الأمم المتحدة .. أم أن غياب الكوادر هو السبب؟
بتكون في فترات مختلفة لتدوير المناصب داخل الأمم المتحدة، أنا أتذكر وقت من الأوقات كان فيه 5 أو 6 مناصب كبرى داخل الأمم المتحدة يشغلها مصريين، لكنها ليست مسألة تعمد، ولكن يجب أن تكون الكوادر العربية واضحة.
ما هو المخرج من الأزمة الحالية بين إسرائيلي وفلسطين من وجهة نظرك؟
العرب يشدوا حيلهم بالتوحد مع بعض أكثر، فمصر على سبيل المثال عقدت اتفاقية سلام مع إسرائيل من 30 سنة، لكننا لم نشاهد مصري يرقص مع إسرائيلي فى حفلات رقص، لازم يستشعر الأخرين بقوة موقف الدول العربية، لأنهم يعلمون أننا مختلفين، ولو علموا أننا يد واحدة لأختلف الأمر، ثانيًا تنفيذ قرارات الشرعية الدولية بدولة فلسطينية ودولة إسرائيلية، عاصمتها القدس الشرقية.