النهار
الإثنين 23 ديسمبر 2024 12:23 صـ 21 جمادى آخر 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

تقارير ومتابعات

”الموت يحاصرهم من كل اتجاه”.. انتشار الجثث والمقابر الجماعية قنابل موقوتة تهدد قطاع غزة

 انتشار الجثث والمقابر الجماعية قنابل موقوتة تهدد قطاع غزة
انتشار الجثث والمقابر الجماعية قنابل موقوتة تهدد قطاع غزة

تراكمت الجثث فى كل مكان، فى المستشفيات دفنوا وفى المدارس وبين المربعات السكنية، وفى المنازل والبيوت، هكذا ودع أهالي قطاع غزة ذويهم الذين راحوا ضحية العدوان الإسرائيلي، ولكن مع ارتفاع عدد الضحايا وغياب المستلزمات والأدوات الطبية اللازمة للتعامل مع هذا الكم الهائل من البشر الذين راحوا ضحية العدوان، بات هناك خطرًا أكبرة يهدد سكان القطاع، وينذر بكارثة وشيكة.

خطر محدق ينتظر القطاع من تراكم الجثث، مع غياب وسائل الأمن الطبي؛ وانتشار عمليات الدفن العشوائي، وتلوث مصادر المياه، يتمثل فى الأمراض والأوبئة التى باتت على أعتاب غزة، تنتظر أن تنقض عليها كما أنقض عليها جيش الأحتلال الإسرائيل.

فتحت جريدة "النهار المصرية" هذا الملف المهم، وناقشته مع المختصين، فى محاولة لتسليط الضوء على هذه القضية الشائكة.

الدفن مكان الوفاة..

يقول الدكتور حسن عصفور، السياسي الفلسطينى، لم يكن الجزم حتي الآن بعدد الضحايا جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، فهناك المئات تحت الأنقاض، وهناك مربعات سكنية كاملة دمرت بالكامل، لذلك سيكون من الصعب الحديث عن أرقام الضحايا، الذى قد يصل إلى 30 آلف شهيد.

واستكمل "عصفور"، فى تصريحات خاصة لـ"النهار"، هذه الأرقام المرعبة لحجم الشهداء، يضعنا أمام تحدي فى ظروف قاسية، وهو كيفية دفن الموتي، وهذا دفعنا لدفن شهدائنا فى ساحات المشافي والأماكن العامة وغيرها، ولا يمكن أيضًا أحصاء عدد المقابر وطبيعتها.

وأشار "عصفور"، أنه وسط هذه الظروف الصعبة،لا يمكن اتباع إجراءات الوقاية من مخاطر انتشار الأوبئة والأمراض أثناء دفن الضحايا، فالدفن بات فى كل مكان، المدارس والمشافي والمنازل، ولكنه أكد أن السيدات لا يدفنن بجوار الرجال أو الأطفال، قد يدفنوا فى مكان واحد ولكن فى مربعات مختلفة.

وتابع "عصفور"، فى حالة استشهاد طلاب مدارس، يدفنوا بجوار المدرسة، وفى حالةوفاة أشخاص قرب المستشفيات يدفنوا فيها، أما مجهولي الهوية، يتم دفنهم داخل مربع أو فى انفاق وبيتم وضع علامات خاصة علي تلك المناطق ليتم تحديدها بشكل دقيق، وهذه الأوضاع تنذر بكارثة أخري متعلقة بانتشار الأمراض والأوبئة خاصة مع اقتراب فصل الشتاء.

وأكد "عصفور" أن هناك المئات من الأسر الفلسطينية الذين سقطوا من السجلات واختفت ولم يصبح لها أي وجود فى السجلات المدنية، فهذه هي أسوء فترة فى تاريخ فلسطين.

قنابل موقوتة..

يقول الدكتور وائل صفوت، مستشار منظمة الصحة العالمية، إن الوضع الصحي في غزة يمر بمشاكل عديدة منها نقص الإمدادات والأدوية وضعف النظام الصحي بالكامل بعد ما تم احتلال وتدمير أكثر من مستشفي داخل القطاع، مما أضعف غرف العمليات والأدوية وعلاج التخدير والحضانات والعناية المركزة.

وكشف "صفوت"، أن أغلب المنظمات العالمية فقدت الاتصال بفرقها داخل غزة، وأن استمرار الهدن الإنسانية سوف يعطي فرصة لدخول الإمدادات، ولكنها غالبًا لن تكفي لـ 2 مليون نسمة، فى ظل الاحتياجات الكثيرة، خاصة مع دخول فصل الشتاء وانتشار الجثث فى العراء، سيؤدي هذا بدوره إلى تفشي الأوبئة والأمراض التنفسية، التى تحتاج لأمصال ولقاحات وفى ظل الظروف الحالية توفيرها صعب جدًا.

وأكد مستشار منظمة الصحة العالمية في تصريحات خاصة لـ "النهار"، أن الجثث الملقاة فى كل مكان داخل القطاع، وعدد الضحايا الكبير، تمثل قنابل موقوتة لأنهما يؤديان لانتشار أمراض وأوبئة خطيرة التى باتت مسألة وقت، وذلك نتيجة تعفن الجثث، على الرغم من أن أغلب الفرق الطبية في غزة يقومون بتكفين وربط الجثث في أكياس لمنع التعفن، ولكن مع ارتفاع عدد الضحايا، خاصة هؤلاء الذين ما زالوا تحت الأنقاض فالوضع يزداد صعوبة.

وكشف أن منظمة الصحة العالمية غير قادرة علي وقف التدهور الصحي إلا من خلال المناشدة، والتحرك من خلال الأمم المتحدة، حتي يكون هناك اتفاق واضح وآلية لتطبيقه، ومع استمرار الهدن الانسانية، ربما يكون هناك فرصه للعلاج وتحسين الحالة الصحية لعشرات الآلاف من الجرحي.

أمراض مميتة..

يقول الدكتور إسلام عنان، إن قطاع غزة يمر بأزمة إنسانية حادة، مع استمرار العدوان الإسرائيلي على القطاع، وسط نقص الأدوات والمستلزمات الطبية، وهو ما ينذر بكارثة على رأسها تفشي الأمراض والأوبئة.

وتابع "عنان" أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة مصر الدولية، فى تصريحات خاصة لجريدة "النهار المصرية"، أن القطاع يعاني من نقص حاد فى كافة المستلزمات الطبية ومن بينها الجراحية وأدوات التعقيم، واللقاحات لمنع تفشى الأمراض مثل شلل الأطفال والجدرى المائى.

وأضاف، غياب أدوية ومستلزمات الحروق، ومحاليل معالجة الجفاف وأدوية الدوسنتاريا والإسهال للأطفال الناتج عن نقص الغذاء والمياه النظيفة، قد يؤدي إلى مخاطر أكبر وانتشار سريع للأمراض والاوبئة.

متابعًا، الأوضاع الحالية فى قطاع غزة تشير إلى مخاطر مرتفعة لتفشى أمراض الكوليرا والحصبة وشلل الأطفال، ومع انهيار المنظومة الصحية بالقطاع، وندرة المياه النظيفة قد يؤدي ذلك لانتشار أمراض كثيرة، فضلا عن أن التعامل مع الجثث غير المدفونة أحد التحديات الكبيرة التي تواجه القطاع، ما يزيد من خطر انتشار الأوبئة.

وأوضح عنان، أن من أبرز الأمراض والأوبئة المحتملة انتشارها نتيجة تلوث المياه، هى التي تنتشر عبر المياه الملوثة ببكتيريا الكوليرا، ويمكن أن تسبب إسهال شديد وجفاف، وأمراض التهاب الكبد الوبائي التي يمكن أن ينتشر عبر الدم وسوائل الجسم، خاصة في حالة عدم القدرة على التخلص الآمن من الجثث، فضلًا عن التيفوئيد والحمى الشوكية، وشلل الأطفال والجديري المائي بسبب نقص اللقاحات، وأمراض سوء التغذية والكلى.

وفى ختام تصريحاته طالب "عنان"، بضرورة استمرار دخول المساعدات الطبية، مع ضرورة وجود وسائل تنقية المياه للتخلص من البكتيريا والجراثيم، وتوفير أدوات التعقيم والنظافة، بالإضافة والتأكد من أخذ جميع التطعيمات اللازمة للوقاية من الأمراض.