بين التوعية وخطورة التقليد.. تأثير دراما الجريمة على المشاهدين
أعمال إجرامية لقصص واقعية قدمتها الدراما المصرية مثل: " سفاح الجيزة وحدث بالفعل"، خلال الفترة الأخيرة أثارت جدلاً بين الجمهور ما بين التأييد والرفض لعرضها، فرأى البعض أنها قد تدفع ضعاف النفوس إلى التقليد، وآخرين أيدوا عرضها لتساعدهم على فهم المحيطين بهم، ولكن أكثرهم دهشة هو ردود الفعل الساخرة على الجريمة وتحول القتل أو الخطف إلى "كوميكس"، فما الذي يدفع المتلقي لهذا التحول وهل عرض الدراما الإجرامية قد يؤثر على الجمهور؟ هو ما ناقشته "النهار" مع خبراء النفس والاجتماع في التقرير التالي..
الدكتور وليد هندي، استشاري الصحة النفسية، يرى أن مشاهد القتل والبلطجة في الدراما ليس لها تأثير عام ولا يمكن الحكم عليه بالإيجاب أو السلب في المطلق، ولكن يتم تحديد ذلك بناء على أسلوب العرض وفلسفة العمل وبناءه النفسي وتركيبة الشخصيات التي تنعكس بالتالي على المشاهد سواء بالتقليد أو التوعية.
وقال إن مسلسل "سفاح الجيزة" غير مبني على العنف وسفك الدماء لكن تم معالجته بحرفية نفسية وعرض مهني وأسلوب مقنن بالاستعانة بمجموعة من الأطباء النفسيين ليتحول العمل إلى تحصين فكري للجمهور حول الجريمة وشخصية السفاح ومتلازماته السلوكية ونمط شخصيته، وذلك وفقًا لتحليله الشخصي للمسلسل بصفته استشاري صحة نفسية.
وأوضح هندي أن درجة التأثر بالعمل الدرامي باختلاف أسلوب العرض المؤثرات الصوتية ومدة العرض، مشيرًا إلى أن الأعمال التي تحتوي على العديد من مشاهد العنف والبلطجة تعمل على غرس سلوك العنف والبلطجة والايذاء، فيصنع من المجرم بطلاً في المقدمة وبالتالي قد يتأثر به البعض وينعكس على سلوكياته، وهو عكس ما حدث في "سفاح الجيزة".
وأكد أنه في ضوء انفتاح المجتمع وسرعة انتشار الأخبار على السوشيال ميديا أصبح من الضروري عرض هذا النوع من القضايا ومعالجتها دراميًا مستغلين القراءات النفسية لدى للشخصيات والعمل الدرامي، لنغرس لدى أبنائنا سلوك تحصيني ضد جرائم المجتمع.
أما عن تناول الجمهور للقتل بأسلوب ساخر؛ أرجع هندي ذلك إلى تشبع البناء النفسي للمشاهدين بالعنف ومشاهد القتل والإرهاب على مدار سنوات منذ 2011، ليقوم "سفاح الجيزة" بعمل إسقاط للمشاعر الداخلية وإزاحة للسلوك الذي يخالف الفطرة الإنسانية وبالتالي أبعدهم عن الضغوط النفسية التي تجمعت على مدار سنوات.
ووافقه الرأي الدكتور جمال فرويز أنه لا يوجد ضرر من مسلسل "سفاح الجيزة" إلا على ذوي النفوس الضعيفة وهما الشخصيات العصابية، مشيرًا إلى أن الشخصيات التوترية والهيستيرية والوسواسية هم الأكثر تأثرًا في تعاملاتهم مع الآخرين.
وشدد على ضرورة أن يمنع الأهالي أطفالهم من مشاهدة أعمال العنف خوفًا من تقليدها، موضحًا أن هذا النوع من الدراما لا ضرر منها في حال تقديمه لمجتمع مثقف ومدرك للأمور المحيطة به، فيتمكنوا من تخطي الجريمة دون تقليد وهو ما أنعكس على ردود أفعال الجمهور على السوشيال ميديا.
وأكد فرويز على ضرورة أن يركز صناع العمل على أن العقاب يكون من جنس العملـ وأن يكون شديد ورادع، وبذلك إذا تأثر أصحاب النفوس المريضة به يرعبهم العقاب من التقليد.
ومن جانبها؛ رفضت الدكتورة سامية خضر أستاذ علم الاجتماع عرض الأعمال الإجرامية في الدراما معللة بمقولة "جُبل الانسان على التقليد"، وبالتالي فإن عرض مشاهد العنف والقتل قد يدفع البعض من ضعاف النفوس والثقافة للتقليد.
وأوضحت أنها تدرك أهمية وجود هذه النوعية في بعض الأحيان لأن المجتمع به الخير والشر ولكن في حال عرضها فلابد أن يعالج صناع العمل الموضوع بشكل دقيق يحمل عقاب صارم للمجرم ليرتبط العقاب بالجريمة لدى المشاهد.
ومن ناحية أخرى، فسر الدكتور رأفت عبد الباسط أستاذ علم الاجتماع تناول الجمهور للجريمة بشكل ساخر على إنه لا يتخطى كون المشاهد محب لمواكبة "التريند" والسير في عكس التيار للظهور فقط لا غير.