نائب مدير مركز الحوار لـ ”النهار ” تدمير كابلات الإنترنت البحرية أهم الأسلحة الروسية لمواجهة الغرب
سلط تقرير صحيفة "التليجراف" الضوء على صراع خفي عن الأنظار يحدث تحت سطح الماء، ويتمثل في قطع وتعطيل كابلات الإنترنت التي تعمل كشرايين للاقتصاد العالمي، وأوضحت الصحيفة أن تلك الكابلات تمثل نقطة ضعف بالنسبة للغرب، وتعمل القوات الروسية على استهدافها في الوقت الراهن.
ويرى "تريفور تيلور" كبير المديرين في مركز أبحاث الدفاع "أر يو أس أي" البريطاني أن روسيا تستهدف تلك الكابلات؛ نظرًا لأهميتها بالنسبة للدول الغربية، موضحًا أن الدول الغربية تجري معظم تعاملاتها التجارية عن طريق الإنترنت وبالتالي فإن انقطاع الكابلات يمكن أن يعوق تدفق التجارة بين الدولة.
ونوه التقرير بأن روسيا قد ضاعفت من استثماراتها لتنمية قدراتها على الاستكشاف تحت الماء خلال الآونة الأخيرة، ويقدر بعض الخبراء أن إصلاح الخط التالف يمكن أن يكلف ما بين مليون دولار و13 مليون دولار، اعتمادًا على عمق الكابل وموقعه، كما أن أبسط عملية للإصلاح يمكن أن يستغرق 15-20 ساعة.
وأشار "كريستل هيدمان" الرئيس التنفيذي لشركة الاتصالات الحكومية الفرنسية، أن الكابلات البحرية البالغ عددها 486 التي تعبر الكوكب تمتد لمسافة 1.3 مليون كيلومتر، تحمل 99% من عمليات نقل البيانات الدولية على أساس يومي. لذا، تعمل الشركة على تعزيز قدرتها على إصلاح الأضرار التي لحقت بسرعة 257000 كم من الكابلات التي وضعتها على مر السنين.
وفي سياق متصل، ذكر التقرير أن إتلاف البنية التحتية تحت سطح البحر لا تؤدي فقط إلى إبطاء أو توقف الإنترنت وتراجع أرباح المساهمين، بل يمكن أن تضر باقتصادات الدول ، ولفت التقرير الانتباه إلى أن شركة شحن تحملت نحو 10 ملايين دولار في عام 2017، نتيجة قطع سفينة شحن كابل الاتصالات البحري الرئيس في الصومال.
ورغم الصراع في أوكرانيا، فقد ظلت عشرات الكابلات التي تمر عبر نقطة الاختناق التجارية البحرية والرقمية سليمة إلى حد كبير، وأشار مسؤول تنفيذي في شركة "بيج تك" إلى أن الكوارث الطبيعية يمكن أن تتسبب في مشكلات كارثية لكابلات الألياف الضوئية.
ومن جهتها قالت نورهان أبو الفتوح نائب مدير مركز الحوار ومدير تحرير التقرير الروسي السنوي أن تدمير كابلات الإنترنت البحرية يعد أحد أهم الأسلحة التي يمكن أن تستخدمها روسيا في أزمتها مع الدول الغربية ردًا على العقوبات المفروضة عليها خاصة وأن تدمير تلك الكابلات التييتم من خلالها 99% من الاتصالات الرقمية، وسيؤدي إلى خسائر واضطرابات كبيرة ليس فقط في شبكة الاتصالات العالمية وإنما في الاقتصادات العالمية والقطاعات العسكرية والمدنية أيضا، وهو ما يجعل أكثر دول العالم تسعى للبحث عن آلياتتأمين الكابلات البحرية، خاصة وأن البديل وهو شبكات الأقمار الصناعية أمر مكلف.
وأضافت " نورهان أبو الفتوح " أن على الجانب المدني يمكن أن يؤدي قطع الكابلات البحرية عن بعض الدول إلى توقف المعاملات بين الوزارات والهيئات،فضلًا عن توقف الخدمات الرئيسية من بنوك والمستشفيات والبنية التحتية، وغير ذلك.
وأضافت " أبو الفتوح " فى الإطار العسكري، تستخدم عديد الدول كابلات الانترنت في نقل البيانات الحساسة مثل الاتصالات العسكرية، فضلا عن ما سيؤديه ذلك من تداعيات اقتصادية حيث يكلف نظام كابلات الإنترنت البحرية، مئات الملايين من الدولارات للتشييد، ونتيجة لتكلفة هذه الكابلات وفائدتها، تحصل على قدر كبير من الأهمية، من قِبل الحكومات الوطنية التي تعتبرها "حيوية للاقتصاد الوطني"، وهو ما أدي إلى إنشاء بعض الدول مناطق حماية وتقييد للأنشطة التي قد تؤدي إلى تلف الكابلات التي تربطها بباقي العالم، وأشارت إلي أن عملية تدمير الكابلات البحرية لا تحتاج إلى تقنيات متطورة سواء كانت بتسليح السفن المدنية، أو من خلال الألغام البحرية أو الغواصات إذ لا تتطلب مثل هذه الأشكال من الهجوم قدرات متطورة من الناحية التكنولوجية.
وأكملت " نورهان أبو الفتوح نائب مدير مركز الحوار ومدير تحرير التقرير الروسي السنوي" أن الأمر الأخر الذي يمثل نقطة قوة للجانب الروسي حال استخدمت هذا السلاح في أزمتها، أن روسيا تعتمد في اتصالاتها على الكابلات والاتصالات البرية التي تمر داخل أراضيها، كما أن لديها شبكة إنترنت خاصة بها، وهو ما كشفته شركة سايبركوف للأمن الإلكتروني، ما يعني أن روسيا ستكون أقل المتضررين في حال تم تدمير الكابلات البحرية، وعلى الرغم من ذلك يمكن القول إن الأمر ليس بالسهولة المتوقعة خاصة وأن تدمير كابل أو اثنين لا يؤثر تأثيرا ملموسا على شبكات الاتصالات في العالم خاصة في ظل وجود ما يقرب من 450 كابل بحري في العالم.