صرخات مزارعين الذرة الشامية بعد خسارة حوالي 50% من المحصول و”الفلاحين”: ”عليه العوض ومنه العوض”
خيم الحزن على الفلاحين بعد انتشار الدود في محصول الذرة الشامية، الأمر الذي أدي إلي خسارة مايقارب 50% من قيمة المحصول، والتي يقتات من أسعارها المواطنين على مدار العام، بدأت القصة عندما لاحظ أحد المزارعين وجود تقصف في سيقان الذرة، ومن ثم رأي تأثيرات الدود على أوراق الغصن وهو بدوره قد أدي إلي حدوث تشققات في الوريقات، وظهور تأثيرات لهذه الحشرات من تلبكات وغيره، ومن ثم أدي ذلك إلي تواجد تلك الحشرات داخل الثمار "كوز الذرة" وإذ بالحشرات تفتك بأصفف الغلال من جميع الأنحاء، وهو ما أدي بدوره إلي حدوث تصدعات في بعض الأكواز ومن ثم تقصفه، وسقوطه قبل انتهاء المدة المحدده له حتي جني الثمار.
يسعي المزارعون كل عام للتغلب على هذه الحشرات من خلال استخدام بعض المبيدات الحشرية، منذ انبات النبات في الأرض، لكن ما حدث خلال هذا العام لم يحدث من قبل، فعلي الرغم من استخدام المبيدات الزراعية إلا أن الزرع لازال به تلك الحشرات التي تضرب بالعشب عرض الحائط وتؤدي إلي يبسانه ومن ثم اقتلاعه من الجذر، يعاني المزارعون مما حدث حيث أن تلك الذرة تدخل في صناعة الأغذية فضلاً عن أنها الغذاء الأول للماشية التي يقومون بتربيتها داخل حظائرهم، ومزارعهم، كما أن الذرة الشامية تعد من أبرز المحاصيل التي تزرع في فصل الصيف كل عام، ولا يمكن استبدالها بأي نوع من المحاصيل الأخري، لعدم وفرة المياه في تلك الرقعة التي تصل إلي 100 ألف فدان.
قال ( ع – ظ ) أحد المزارعين أن الدودة تمكنت من القضاء على معظم محصول الذرة الشامية هذا العام، ومن الطبيعي كل عام أننا نقوم برش المبيدات مرة واحدة، لكن هذا العام قمنا بالرش مرتين ولكن لم يجد جديدا فالدودة تكثر ولا تموت وتنتشر في الزرع مثل النار في الهشيم، وهو ما أجبرنا أن ندخل الأرض المصابة ونقوم بمكافحة الدودة بأيدينا عن طريق قطع الغصن المصاب واخراجه بعيدا عن باقي الأرضي وهو ما جعلنا نخسر الكثير والكثير.
وأضاف أن هذا العام يعتبر استثنائي لما رأيناه وأننا تأثرنا بشكل كبير جراء ما حدث فالمواشي لم نجد لها غذاء، فضلا عن أننا لا نستطيع أن نزرع غيرها، ولا يمكننا أن نبيع المحصول بالشكل المطلوب كل عام، وأن الخسائر كبيرة جدا ولا يمكننا أن نجمع حتي ثمن الغلال البذور ( التقاوي ) التي قمنا بذراعتها في بداية الموسم، حيث ان الخسائر تضرب الأفدنة في عصبها، وطالب الزراعة بسرعة التحرك لإنقاذ مايمكنانقاذه من خلال مبيدات فعالة تفتك بالدودة التي وصل حجمها 3 سانتي ولا يكاد يخلو كوز واحد من واحدة منها.
وأضاف ( ج – ح ) صاحب مزرعة مواشي وأحد الزارعين للمحصول شاهدنا عجب العجاب هذا العام فالنباتات لم تكاد صالحة لأي استعمال ولا انتاج أي محصول يذكر، وأصبحت فرص الإصابة بمرض الحمي القلاعية للمواشي على الأبواب، فالدودة تقوم بالسكن داخل الزهرة وتظل تثقب فيه، علما بأن الزهرة كاملة نقوم بتيبيسها وطحنها واستخدامها في تسمين المواشي، ونقدمها كطعام أساسي على مدار السنة للكثير من الأغنام والماشية الكبيرة، وبعد انتشار الدودة وخسارة الكثير أصبح القيراط المقرر له أن ينتج 12 كيلة، ينتج 5 كيلات كحد أقصي، وما تم انفاقه من أموال طائلة على البذور والأسمدة ذهبت في مهب الريح، ولا أحد يدري ولا أحد يسمع.
وعند سؤاله عن الأسباب قال المبيدات الزراعية جاءت مغشوشة هذا العام، فلم تقضي على الدود منذ البداية فظلت تكبر وتكبر حتي وصلت إلي الزهرة وفتك بحياتها وردد " عليه العوض ومنه العوض في المحصول اللي بننتظره كل عام على أحر من الجمر حتي نقوم بتعويض جميع انفاقتنا على مدار السنة ".
وقال ( ع – م ) صاحب عشرات الأفدنة المزروعة بالمحصول: أن المبيدات الزراعية فشلت هذا العام في القضاء على الدودة، وهو ما كبدنا الكثير من الخسائر التي وضحت لنا هذه الأيام، فأصبحنا نري الزرع يتساقط أمام أعيننا ولا نملك أن نقدم له شيء، وأصبح الجميع يعاني من هذا البلاء، الذي كاد من الممكن أن ينتهي مع وجود مبيدات فتاكة تقضي على هذه الحشرات، علما بأن المزارعين يبدءون في مناهضة تلك الحشرات التي تؤثر على الزرع منذ مرحلة الانبات، لكن هذا العام حدث مالم يحدث من قبل، حيث أننا قمنا بالرش مرة واثنين وثلاثة بل وأربعة لكن الأمر لازال جلل، أثر علينا وعلى مزارعنا وعلى عملية البيع والشراء التي تتم كل سنة، بل وأصبحت الكفاءة الإنتاجية في مهب الريح.
ومن جانبه، علق الدكتور عباس الشناوي، رئيس قطاع الخدمات بوزارة الزراعة على فساد أكثر من نصف محصول الذرة الشامية في إحدي قرى الصعيد، وإشارة الفلاحين إلى أن السبب في ذلك المبيدات الزراعية المغشوشة، قائلاً: "الوزارة توفر المبيدات في الجمعيات الزراعية بعد الإشراف عليها والتأكد من صلاحيتها.
وأضاف "الشناوي" في حديثه لـ "النهار"، : يلجأ بعض المزارعين إلى شراء المبيدات من السوق السوداء والتىلانعلم مدى صلاحيتها وقد تكون مغشوشة مما تدمر المحصول"
وشدد على الفلاحين بضرورة اتباع الإرشادات الزراعية والتعليمات التى تصدرها وزارة الزراعة ويتم التنبيه على المزارعين باتباعها لضمان سلامة المحصول.
وفي السياق ذاته، أفاد الدكتور أشرف فياض، الخبير الزراعي، أن الأزمة ليست في محصول الذرة بعينه لكن في المنظومة الزراعية المتبعة وغياب فكرة التوعية والتطوير.
وأضاف "فياض" في حديثه لـ "النهار"، :"غياب المرشد الزراعي وعدم الاهتمام بوجوده في مصر رغم خبرته ودراسته للأرض، فالفلاح لايهتم بدور المرشد ويرى أنه خبرته أفضل منه، في حين عدم رغبته في صرف راتب له، والوزارة لا توفره براتب مناسب وبالتالى تظهر الأفات والحشرات الزراعية التى لا خبرة للفلاح في التعامل عليها".
وأكد على أن المرشد الزراعي في أي دولة في العالم له أهمية كبيرة ولا يمكن الاستغناء عنه لخبرته في ظل تطور البحث العلمي وانتشار الحشرات والأوبئة التى تظهر بشكل مفاجئ.