مخدر مع رضاعة الأم.. قصص سيدات أجبرن أطفالهن على الإدمان
- "ولاء" هاجر زوجها والمخدر حيلتها لكسر الملل
- سناء تُرضع طفلتها في فترة الاستشفاء من المخدر
- القانون يعرضهن للحبس حتى 3 سنوات حال ضرر الطفل
- طبيب نفسي يؤكد أن العلاج الحل الأمثل
كعادتها استيقظت "ولاء" - اسم مستعار - متأخرة في الخامسة مساء، ألقت نظرة على طفلتها وجدتها غارقة في نومها لنحو ١٨ ساعة متواصلة، قلقت عليها تابعتها على مدار أسبوع لاحظت اعتياد ابنتها على النوم دون إفاقة لتأكل حتى، شكت في الأمر وذهبت للطبيب.
طلب الطبيب إجراء تحليل دم كامل للطفلة؛ للاطمئنان على نشاط جسمها، اكتشف أنها تحمل كميات كبيرة من المخدر، استغرب قليلا ثم سأل أمها، هي تعطي لها أي أدوية تحمل نسبة مخدر عالي فردت بأنها منذ ولادتها قبل ٦ شهور وترضعها طبيعيا مع المكملات الغذائية المعتادة.
اتصل الطبيب والحالة جالسة معه بزميل له في قسم التخدير وطالعه على ما جاء بالتحليل، فأكد له الأخير أن المصدر الوحيد لما جرى لها مادامت تحاليل الدم منضبطة أن أمها تتعاطى المخدر وتطعمها بالرضاعة وينتقل المخدر من خلال لبن الأم، انزعج الطبيب قليلا ووجه نظره نحو المريضة وسألها في خجل "هل تتعاطي أي أدوية مخدرة"، نظرت باستغراب وأخبرته "هذا مستحيل أنا لا أتناول أي عقاقير".
حاول الطبيب أن يهمس إليها وكأنه في تخصص نفسي، وأبلغها بخطورة الوضع على الرضيعة أن استمر الحال وقد يسبب لها خلل عقلي وغياب كامل عن الوعي ومن ثم الوفاة، فاعترفت له أنها تتعاطى المخدرات من قبل ولادتها من الأساس والحمل اكتمل ولم يصب الطفلة أي تشوه أو ضرر ما جعلها تكمل في فعلتها.
تفهم الدكتور المعالج للجنين حديث السيدة وقص عليها مخاطر ما تفعله على الطفلة، وحذرها بتحرير محضر بحقها أن لم تعده بإيقافها عن تعاطي المخدرات تماما، حاولت أن ترمي فعلتها على الظروف المعيشية وترك زوجها لها وسفره خارج البلاد وشعورها الدائم بالملل، لكن الطبيب فهمها أن حياة الطفلة أولى من كل مبرراتها لأنها إذا استمرت ستموت لا محالة ونصحها بالأخير أن تتوقف عن رضاعتها طبيعيا وتكمل صناعيا.
وشدد طبيب الأطفال على الأم أن استمرارها في تعاطي المخدرات إذا تسبب في وفاة الطفل قد يعرضها للحبس حتى 3 سنوات وفق قانون الطفل، وأيد حديثه المحامي ميشيل حليم في تصريحات للـ"النهار" قائلًا إن القانون بيّن عقوبة إهمال الوالدين أو الزوج أو الزوجة للأسرة، العمدى، مما يتسبب فى وفاة الأطفال أو إصابتهم أو تعرضهم لأى مخاطر، وفرق بينه وبين الإهمال المعنوي وغير العمدي للأطفال، ويعد الطفل معرضاً للخطر إذا وجد فى حالة تهدد سلامة التنشئة الواجب توافرها له.
وأضاف "ميشيل" أن القانون حدد عدد حالات الخطر التي يمكن أن تصيب الصغار، ومنها إذا تعرض أمنه أو أخلاقة أو صحته أو حياته للخطر، إذا كانت ظروف تربيته في الأسرة للإهمال أو للإساءة أو العنف أو الاستغلال أو التشرد، إذا تخلى عنه الملتزم بالإنفاق عليه، وإذا حرم الطفل من التعليم الأساسى، بالإضافة أنه إذا وجد متسولاً، أو إذا لم يكن له محل إقامة مستقر أو كان يبيت عادة فى الطرقات .
وأوضح أن قانون الطفل المصرى رقم 12 لسنة 1996 والمعدل بالقانون 126 لسنة 2008، لم يجرم عقوبة إهمال الأسرة فى حق أطفالها، واكتفى فى مادته الثامنة بمعاقبة كل من يرتكب انتهاك في حق الطفل بالحبس من 6 أشهر وحتى 3 سنوات، بغرامة لا تقل عن ألفى جنيه ولا تجاوز خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين .
حكاية "ولاء" القاطنة في حي السلام بالقاهرة، تشابهت معها ما حل بطفل آخر في جنوب الجيزة، تتعالج أمه من تعاطي المخدرات ولم توقف رضاعتها الطبيعية دون الرجوع للطبيب، ما فعلته غريبًا بالنسبة للطبيب المعالج لها أنها، تُشفى دون الدخول في مصحة وبالتالي تتهاون أحيانًا وتأخذ كميات من المخدر الذي يخطلت باللبن الذي يرضعه طفلها.
وأوصت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال - في ورقة بحثية نشرتها عبر موقعها الإلكتروني - بتلاشي إرضاع الأطفال طبيعيًا في حال تناول الأم أي أدوية مسكنة قوية لأنها تؤثر على صحته بالسلب وتضر مخه، فمال بالك بمخدر قوي تأخذه الأم، وفق ما قاله الطبيب المُعالج للسيدة "سناء" - اسم مستعار - لـ"النهار".
الفارق بين الحالتين أن "سناء" لديها رغبة في إنهاء أزمتها مع المخدرات على عكس مثيلتها في نفس الموقف، ما جعل إنقاذ طفلها سهلا وغير معقد، وفي غضون أشهر قليلة قللت تعاطي المخدرات ومن بعدها توقفت تمامًا وفي خلال عام من عمر الطفل أوقفت رضاعتها الطبيعية وأكملت بالصناعي وشفيت وكبر الطفل دون أي عائق، بينما "ولاء" لا تزال تُعاني وتحاول أن تنهي أزمتها.
قال الدكتور جمال فرويز أستاذ الطب النفسي إن شخصيات السيدات المتعاطين للمخدرات ضعيفة لا تقوى على إنهاء أزمتها وتحتاج إلى عوامل مساعدة كثيرة منها زوجها أو عائلتها.
ويرى "فرويز" أن في وجود طفل الأمور لابد أن تُحل سريعًا؛ أملا في الحفاظ على حياة الجنين أو الطفل، مؤكدًا أن من المخدر استمرار طفل في أحضان أمه إن كانت مدمنة ولابد أن تتولى رعايته مُربية أو أي من والدي الزوجين لحين علاج الأم.