النهار
الأحد 22 ديسمبر 2024 12:31 مـ 21 جمادى آخر 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

اقتصاد

جولد بيليون: تعافي طفيف للذهب عالمياً بعد 4 جلسات من الانخفاض

استقرت أسعار الذهب لتشهد تعافي طفيف خلال تداولات اليوم الجمعة في آخر جلسات شهر سبتمبر وآخر جلسات الربع الثالث من العام، لتظل تداولات المعدن النفيس بالقرب من أدنى مستوياته منذ أكثر من 6 أشهر في ظل تغير توقعات السياسة النقدية للبنك الفيدرالي وقبل صدور بيانات التضخم اليوم عن الاقتصاد الأمريكي.

تتداول أسعار الذهب الفورية وقت كتابة التقرير الفني لجولد بيليون عند المستوى 1871 دولار للأونصة حيث ارتفعت منذ بداية جلسة اليوم بنسبة 0.4% وذلك بعد أن انخفضت لأربع جلسات متتالية لتسجل أدنى مستوى منذ قرابة 7 أشهر يوم أمس عند المستوى 1857 دولار للأونصة منخفضة بنسبة 0.5%.

تعافي أسعار الذهب اليوم يأتي في ظل التصحيح السلبي الذي يشهده الدولار الأمريكي وعوائد السندات، لتمنح الذهب فرصة لتحسين مستوياته قبل صدور بيانات نفقات الاستهلاك الشخصي والذي يعتبر المؤشر المفضل للتضخم لدى البنك الفيدرالي في وقت لاحق من جلسة اليوم.

وأشار تحليل لفني لسوق الذهب العالمي صادر عن جولد بيليون إلي أن الرهانات على ارتفاع الذهب تنتظر أي بيانات تظهر ضعف في قطاع العمالة الأمريكي وتراجع في التضخم، وهو الأمر الذي من شأنه أن يضعف من فرص اتجاه البنك الفيدرالي إلى رفع جديد في الفائدة قبل نهاية العام، ولكن حتى الآن بيانات قطاع العمالة مستقرة ما يظهر قوة هذا القطاع وبالتالي مرونة الاقتصاد الأمريكي بالإضافة إلى تماسك معدلات التضخم، الأمر الذي يجبر الفيدرالي على التمسك بمزيد من التشديد النقدي.

هذا وقد انخفض مؤشر الدولار الأمريكي الذي يقيس أداؤه مقابل سلة من 6 عملات رئيسية خلال جلسة اليوم الجمعة بنسبة 0.4% بعد أن بدأ في تصحيح سلبي منذ جلسة الأمس، ولكنه يظل بالقرب من أعلى مستوى سجله في 10 أشهر.

عوائد السندات الحكومية الأمريكية لأجل 10 سنوات انخفضت أيضاً اليوم للجلسة الثانية على التوالي بنسبة 0.9% وذلك بعد أن سجلت يوم أمس أعلى مستوى منذ 16 عام عند المستوى 4.688% حيث تراجع عائد السندات ومستويات الدولار الأمريكي وهو ما يعطي الذهب فرصة لالتقاط الأنفاس بعد أن شهد انخفاض حتى الآن خلال هذا الأسبوع بنسبة 2.7% ليفقد 53 دولار من سعر الأونصة منذ بداية الأسبوع.

ما الذي يحتاجه الذهب؟

الذهب الفوري في طريقه إلى تسجيل اغلاق أسبوع تحت المستوى 1900 دولار للأونصة، وهو أول اغلاق تحت هذا المستوى منذ منتصف أغسطس الماضي، وتزامن هذا مع انخفاض للعقود المستقبلية تحت المستوى النفسي أيضاً.

وعلى الرغم من التعافي اليوم في أسعار الذهب إلا أنه يحتاج إلى دعم وحافز مناسب للعودة للتداول فوق المستوى النفسي من جديد، حيث يتطلب الأمر حدوث ضعف في مستويات الدولار وعوائد السندات خلال الأيام القادمة.

هذا بالإضافة إلى تغير في توقعات الأسواق بشأن مستقبل التشديد النقدي من قبل البنك الاحتياطي الفيدرالي، ولتحقيق هذا ستحتاج الأسواق إلى رؤية تراجع في بيانات التضخم الأمريكية بالإضافة إلى ضعف في قطاع العمالة.

وترى جولد بيليون أن تواجد الذهب تحت المستوى 1900 دولار للأونصة قد يفتح المجال لمزيد من الهبوط على المدى القصير، وقد نرى الذهب يختبر الوصول إلى مناطق المستوى 1800 دولار للأونصة، ومع ذلك فإن أي ضعف على المدى القصير لا يغير التوقعات الصعودية الأساسية طويلة المدى للمعدن الثمين.

وبالنظر إلى مستويات الدولار الأمريكي وعوائد السندات القياسية كان من المفترض أن تحدث عمليات البيع على الذهب في وقت سابق عن هذا، وكان المفترض أن يكون الهبوط أكثر حدة، ولكن عدم حدوث هذا يدل على وجود دعم للذهب يمنعه من الانهيار.

وأكد تحليل جولد بيليون أن الدعم الرئيسي الأكبر للذهب هو عدم اليقين الجيوسياسي على مستوى العالم في ظل الحرب الروسية الأوكرانية ومعدلات التضخم القياسية على مستوى العالمي بالإضافة إلى مشتريات البنوك المركزية من الذهب المستمرة منذ العام الماضي.

أيضاً هناك مخاوف كبيرة متعلقة بالاقتصاد الأمريكي نفسه وأن ضعف النمو قادم لا محالة في الوقت الذي يظل التضخم الأمريكي متماسك بشكل كبير، وهو ما يدخل الولايات المتحدة في حالة من الركود التضخمي، وهو بمثابة أخبار جيدة للذهب ليعود للعب دور الملاذ الآمن من جديد.

هناك أيضاً حقيقة انخفاض منحنى العائد على السندات الأمريكية في ظل تراجع العائد على السندات طويلة الأجل مثل استحقاق 10 سنوات و20 سنة و30 سنة، مقارنة مع ارتفاع العائد على السندات ذات الاستحقاق القريب مثل 1 شهر وحتى عامين.

مثل هذا التشوه في منحنى العائد يعتبر دليل واضح على عدم ثقة المستثمرين في مستقبل الاقتصاد الأمريكي على المدى المتوسط والبعيد وتفضيلهم الاستثمارات قصيرة المدى مما يوفر لهم سرعة الهروب من السندات والتوجه لاستثمار آمن آخر وفي هذه الحالة سيفتح الذهب أبوابه لاستقبال الاستثمارات الهاربة من أسواق السندات الحكومية.

أيضاً انخفاض منحنى عائد السندات الحكومية أصبح علامة متشائمة على مستقبل النمو الاقتصادي الأمريكي، بعد أن تكرر هذا المشهد قبل كل أزمة واجهت الولايات المتحدة الأمريكية مؤخراً.

قد يحدث هذا الخروج من أسواق السندات بشكل تدريجي مع بداية ظهور علامات سلبية على أداء الاقتصاد الأمريكي بشكل يتسبب في قلق المستثمرين، ليبدأ التنويع بزيادة نسب الاحتفاظ بالذهب والابتعاد التدريجي عن المخاطرة.

أسعار الذهب في مصر

سيطر التذبذب على تحركات سعر الذهب في مصر بفعل التغيرات في سعر الأونصة في السوق العالمي، بالإضافة إلى استمرار الحذر والترقب لدى المواطنين، ولكن في النهاية سيطر الهبوط على سعر الذهب عند الاغلاق.

افتتحت أسعار الذهب تداولات اليوم الجمعة عند المستوى 2195 جنيه للجرام عيار 21 الأكثر شيوعاً مرتفعاً بمقدار 5 جنيهات عن سعر اغلاق الأمس عند 2190 جنيه للجرام، حيث شهدت جلسة الأمس انخفاض بمقدار 10 جنيهات حيث افتتحت الجلسة عند 2200 جنيه للجرام.

سعر الذهب المحلي يسيطر عليه التذبذب ولكنه يميل إلى التراجع التدريجي في السعر وذلك بسبب الضغط السلبي الكبير الذي يشهده من انخفاض سعر الأونصة في السوق العالمي، وفق تحليل جولد بيليون، كما أن استقرار عوامل تسعير الذهب المحلي مثل سعر صرف الدولار في السوق الموازية والطلب على الذهب المستقر حالياً ساعد على تأثر سعر الذهب بالتغيرات في السعر العالمي خلال هذه الفترة بشكل أوضح.

من جهة أخرى نجد أن موسم العودة إلى المدارس قد أثر بالسلب على الطلب على الذهب خلال هذه الفترة، بالإضافة إلى استقرار المعروض من الذهب بدعم من مبادرة زيرو جمارك التي ساهمت في دخول أكثر من 2 طن من الذهب منذ بداية تطبيقها، ليساهم هذا في حدوث استقرار في السعر وتعطيل عمليات المضاربة على السعر بشكل كبير.

هذا وقد وقع البنك المركزي المصري ونظيره الاماراتي يوم أمس اتفاقية تبادل للعملات بقيمة اسمية تصل إلى 5 مليار درهم و42 مليار جنيه، في ظل العمل على دعم التعاون المالي والتجاري بين البلدين بالعملات المحلية.

وترى جولد بيليون أن هذه الخطوة قد تخفيف الطلب على الدولار الأمريكي جزئياً والذي يعد عملة وسيطة تدخل في كافة التبادلات التجارية بين مصر والدول الأخرى، وفي ظل ضعف السيولة الدولارية التي تعاني منها مصر حالياً فإن مثل هذه الاتفاقات تساعد على تراجع الطلب على الدولار كون التبادل مع الامارات سيتم بشكل مباشر بالعملات المحلية دون الحاجة إلى الدولار كوسيط.

مثل هذه الاتفاقيات ستساعد الحكومة المصرية على توفير المزيد من الدولار لمواجهة الالتزامات المتزايدة سواء في الداخل أو الخارج الأمر الذي يساعد على تحقيق حالة من الاستقرار في الوضع المالي.

ولكن بشكل عام يظل الترقب والحذر هو السائد في الأسواق بسبب ضبابية مستقبل سعر الصرف بالنسبة للجنيه، خاصة مع تأجل مراجعة صندوق النقد الدولي وتأجيل قرار تعويم الجنيه بالتزامن مع هذا.

توقعات أسعار الذهب العالمية والمحلية

انخفضت أسعار الذهب يوم أمس لتصل إلى المستهدف الذي أشرنا إليه عند المنطقة بين 1850 – 1860 دولار للأونصة. وهي منطقة دعم قوية من شأنها أن تدفع الذهب إلى الارتداد من هذه المناطق.

المؤشرات الفنية تحتاج إلى تعديل قراءتها بشكل كبير بسبب التشبع الكبير في البيع الذي يسيطر عليها حالياً، وبناءً على شكل هذا التعديل سيتحدد حركة الذهب القادمة.

إذا عدلت المؤشرات قراءاتها في ظل تحركات عرضية لسعر الذهب فهذا يدل على قوة ضغط البيع وبالتالي سيعود الذهب سريعاً لإعادة اختبار منطقة الدعم السابق ذكرها في محاولة لكسرها، وإذا تحقق هذا يكون المستهدف عند مناطق المستوى 1800 دولار للأونصة.

أما إذا جاء تعديل المؤشرات الفنية لقراءتها بالتزامن مع ارتفاع في سعر الذهب فقد تصبح منطقة الدعم الحالية نقطة ارتاد السعر لأعلى، وسيواجه في رحلة الصعود مقاومات ثانوية عند 1880 – 1885 دولار للأونصة و 1890 – 1892 دولار للأونصة قبل الوصول إلى المستهدف الرئيسي عند 1900 دولار للأونصة.

أما عن السعر المحلي فنجد أنه مستمر في التذبذب والتراجع التدريجي في السعر مقترباً من الحاجز السفلي للمنطقة المحايدة للسعر عند 2180 جنيه للجرام عيار 21، وفي حالة كسر هذه المنطقة يفتح الباب إلى مستويات 2150 ومن بعدها 2130 جنيه للجرام.

الجدير بالذكر أن ارتداد سعر الذهب لأعلى سيعد استمرار في التذبذب طالما ظلت التداولات تحت المستوى 2225 جنيه للجرام.