مباحثات سلام بين أذربيجان والانفصاليين الأرمن في ناجورني قره باج وارمينيا تتهم باكو بتطهير عرقي
في اعقاب فرض ازربيجان سيطرتها بالكامل علي اقليم ناجوني قرة باغ واليوم والامس جرت أول جولة من المحادثات بين أذربيجان ووفد أرمني من قره باغ امس الخميس غداة إعلان الرئيس إلهام علييف أن بلاده "أعادت بسط سيادتها" على المنطقة المتنازع عليها إثر عملية عسكرية سريعة واتهمت ارمينيا باكو بارتكاب "تطهير عرقي" و"جرائم ضد الإنسانية" في ناجورني قره باغ.
وانتهت أول جولة محادثات، امس الخميس بين أذربيجان ووفد من أرمن ناجورني قره باغ بشأن دمج الإقليم الانفصالي حسبما ذكر الإعلام الأذري الرسمي من دون الكشف عن تفاصيل. واستمرت المحادثات قرابة الساعتين وتأتي المحادثات بعد أن اضطرت المنطقة الانفصالية إلى وقف إطلاق النار، مما أدى إلى مطالبات باستقالة رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان.
والتقى الجانبان في مدينة يفلاخ الواقعة على مسافة أكثر من 200 كيلومتر غرب باكو في نفس اليوم الذي من المقرر أن يعقد فيه مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة دعت إليها فرنسا للبحث في أزمة الإقليم وأمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، اتهمت أرمينيا أذربيجان الخميس بارتكاب "تطهير عرقي" و"جرائم ضد الإنسانية" في ناجورني قره باغ وقال السفير الأرميني أندرانيك هوفهانيسيان إن بلاده سبق لها أن حذرت من "تطهير عرقي يلوح في الأفق" في ناجورني قره باغ، مشيرا إلى أنه "يجري الآن".
وأضاف السفير "هذا ليس نزاعا فقط بل جريمة ضد الإنسانية ويجب أن يتم التعامل معه بوصفه كذلك"، موضحا أن "المدنيين في ناجورني قره باغ محاصرون وليست لديهم وسيلة للإخلاء"، في ظل إغلاق الطريق البري الوحيد الذي يربط الإقليم بأرمينيا.
من جهتها أكدت ممثلة أذربيجان ديلارا عبداللييفا أمام مجلس حقوق الإنسان على أن بلادها "اضطرت إلى اتخاذ إجراءات محلية لمكافحة الإرهاب"، مشيرة إلى أنها "استهدفت فقط التشكيلات والتحصينات العسكرية غير القانونية".
وأعلنت أذربيجان اول امس الأربعاء أنها "استعادت السيادة" على إقليم ناجورني قره باغ المتنازع عليه منذ عقود مع أرمينيا، وذلك في أعقاب العملية العسكرية الخاطفة والتي انتهت باتفاق لوقف إطلاق النار وموافقة الانفصاليين على إلقاء أسلحتهم وإجراء محادثات.
وبدأت باكو الثلاثاء الما ضي عملية "لمكافحة الإرهاب" في قره باغ أعلنت نهايتها بعد 24 ساعة لتحقق بذلك أذربيجان ورئيسها إلهام علييف انتصارا مهما في الجيب ذي الغالبية الأرمنية.
من جانبهم أكد الانفصاليون أن هذه العملية العسكرية تسببت بمقتل 200 شخص على الأقل وإصابة 400 آخرين بجروح وأعلن علييف في خطاب إلى الأمة ليل الأربعاء أن بلاده "أعادت بسط سيادتها" على قره باغ.
وشدد أن قوات باكو "دمرت معظم" قوات الانفصاليين وعتادهم العسكري، وأن هؤلاء بدؤوا الانسحاب وتسليم أسلحتهم بموجب الاتفاق الذي تم التوصل إليه، مشيدا بما برهنت عنه يريفان من "كفاءة سياسية" بعدم تدخلها مباشرة لإسناد الانفصاليين.
وجاء إعلان علييف بعد ساعات من تأكيد السلطات الانفصالية أنه "عبر وساطة قيادة فرقة حفظ السلام الروسية المتمركزة في ناغورني قره باغ، تم التوصل إلى اتفاق بشأن الوقف الكامل لإطلاق النار اعتبارا من الساعة الخامية مساء يوم 20 سبتمبر 2023".
وأشارت إلى أن الاتفاق يشمل "انسحاب الوحدات والعسكريين المتبقين من قوات أرمينيا المسلحة ... وحل التشكيلات المسلحة لجيش الدفاع عن ناغورني قره باغ ونزع سلاحها بالكامل".
وأوضحت أنه "ستتم مناقشة القضايا التي أثارها الجانب الأذربيجاني بشأن إعادة الدمج وضمان حقوق وأمن أرمن ناجورني قره باغ ... في اجتماع بين ممثلي السكان الأرمن المحليين والسلطات المركزية لجمهورية أذربيجان" الخميس في مدينة يفلاخ على بعد 295 كيلومترًا غرب باكو وأكدت قوات حفظ السلام الروسية عدم تسجيل أي خرق لوقف النار.
وستكون هذه القوات "الوسيط" في المباحثات، وفق ما ورد في اتصال بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان بحسب ما أفاد الكرملين اول امس الأربعاء.
وعشية المباحثات، أوضح مستشار الرئيس الأذربيجاني حكمت حاجييف أن بلاده تريد "إعادة الإدماج السلمي للأرمن في قره باغ وتدعم أيضا عملية التطبيع بين أرمينيا وأذربيجان"، متعهدا بتوفير ممر "آمن" للمقاتلين الانفصاليين.
وأثار الانتصار الأذربيجاني مخاوف من نزوح جماعي للسكان المقدر عددهم بـ120 ألف نسمة، في وقت أظهرت صور نشرتها وسائل إعلام محلية جموعا في مطار عاصمة الإقليم ستيباناكرت.
وقال أمين المظالم لشؤون حقوق الانسان في المنطقة غيغام ستيبانيان إنه "تم إجلاء أكثر من 10 آلاف شخص من مناطق إقامتهم الأصلية" نحو أنحاء أخرى في الإقليم، مشيرا الى افتقادهم "التغذية الملائمة والأدوية ومواد النظافة الأساسية"، ومنددا بوقوع "كارثة"وكانت القوات الروسية قد أكدت إجلاء 3154 شخصا بينهم 1428 طفلا الى مواقعها وفي واشنطن، أعرب البيت الأبيض عن قلقه حيال الوضع الإنساني في ناجورني قره باغ.
وقال جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي للصحفيين "من الواضح أننا لا نزال نراقب من كثب الوضع الإنساني المتدهور داخل ناجورني قره باغ".
وتابع أن الوضع "تفاقم بسبب الأعمال العدائية التي ارتكبتها أذربيجان" في قره باغ، حيث توجد الآن مخاوف من أزمة لاجئين، معتبراً التقارير عن وقف إطلاق النار "إيجابية"ومساء اول امس الأربعاء أعلنت أرمينيا أن أذربيجان أطلقت النار على مواقع تابعة لها على طول الحدود بين البلدين.
وتضمن بيان لوزارة الدفاع الأرمينية أن "وحدات الجيش الأذربيجاني أطلقت نيران أسلحة خفيفة على المواقع القتالية الأرمينية بالقرب من سوتك".
وفي حادث لم تتضح تفاصيله، أعلنت وزارة الدفاع الروسية مقتل عدد من جنود قوات حفظ السلام بعد تعرض سيارتهم "لإطلاق نار من أسلحة خفيفة".
وتنتشر هذه القوات منذ أواخر 2020 في أعقاب الحرب الأخيرة التي خاضتها باكو ويريفان بشأن ناجورني قره باغ وكان بوتين قد أعرب اول امس الأربعاء عن أمله في إبرام "تسوية سلمية" للنزاع.
ورأى المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أنه "لا يوجد أدنى شك بأن قره باغ شأن داخلي لأذربيجان"، مؤكدا أن الأخيرة "تتصرف في أراضٍ عائدة لها، وهو ما يقرّ به المسؤولون الأرمينيون".
من جهته، أكد رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان اول امس الأربعاء أن بلاده لم تشارك في صياغة اتفاق وقف النار، مذكّرًا بأن يريفان "ليس لديها جيش" في الجيب الانفصالي منذ أغسطس 2021.
وأعادت الأزمة الأخيرة تحريك الانتقادات الداخلية في وجه باشينيان. وحاولت المعارضة الأرمينية على مدى السنوات الماضية إقناعه بمغادرة السلطة محمّلة إياه مسؤولية الهزيمة العسكرية خلال حرب خريف 2020 في قره باغ.
ولليوم الثاني تواليا، تجمّع متظاهرون خارج مقر رئيس الوزراء في يريفان واتهموا الحكومة بالتخلي عن الأرمن الذين يشكلون غالبية سكان الإقليم. ووقعت مواجهات بينهم وبين الشرطة.
وكانت باكو قد اشترطت منذ بداية عمليتها العسكرية، استسلام الانفصاليين وتسليم أسلحتهم. وأكد علييف ذلك لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن خلال مكالمة هاتفية وخاضت أذربيجان وأرمينيا حربين بشأن قره باغ إحداهما بين 1988 و1994 راح ضحيتها 30 ألف قتيل، والثانية في 2020 انتهت بهزيمة أرمينيا.
وكرر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هذا المطلب في اتصال مع علييف، وفق ما أعلن الإليزيه. ودان الرئيس الفرنسي "خيار اذربيجان باللجوء أمس الى القوة والتهديد بزيادة حدة الأزمة الانسانية في قره باغ وتهديد الجهود للتوصل الى سلام عادل ودائم"وتجدد النزاع الثلاثاء بعد مقتل أربعة شرطيين ومدنيَّين بانفجار لغمَين في قره باغ واتهام باكو الانفصاليين بالمسؤولية عن هذه الأعمال "الإرهابية".
و قال أمين المظالم ستيبانيان "ثمة 200 قتيل على الأقل وأكثر من 400 جريح" جراء العمليةوأشار الى أن من بين القتلى 10 مدنيين على الأقل، بينهم خمسة أطفال وكانت السلطات الانفصالية قد أفادت أنّ ستيباناكرت وبلدات أخرى في المنطقة تعرّضت "لقصف كثيف" استهدف أيضًا منشآت مدنية.
وكان تجدّد الأعمال العدائية في ناجورني قره باغ قد أثار قلق المجتمع الدولي ودعوات متعددة لوقف النار، أبرزها من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس والبابا فرنسيس ودول مثل الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا وفي حين دعت فرنسا الثلاثاء الماضي الى جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي لبحث التوت، رأت باكو ألا جدوى لذلكوقال المستشار حاجييف "نعتقد أن جلسة كهذه في حال انعقادها، ستكون غير ذات جدوى وضارة... ليست ضرورية".
وتصاعدت التوترات بين أرمينيا وأذربيجان مطلع يوليو بعدما أغلقت باكو بذرائع مختلفة ممرّ لاتشين الذي يربط الجيب بأرمينيا ما تسبّب بنقص كبير في الامدادات وأثار ذلك مخاوف من تجدّد المعارك بين البلدين.