الصين وسوريا تعلنان إقامة ”شراكة استراتيجية شاملة”
في زيارة تعد تاريخية بكل المقاييس تلك التي يقوم بها الرئيس السوري بشار الاسد الي العاصمة الصينية بكين في اعقاب الزيارة الاخيرة التي تمت في عام 2004 واليوم أعلن الرئيس الصيني شي جين بينج خلال لقائه نظيره السوري بشار الأسد الجمعة أنّ الصين وسوريا أقامتا "شراكة استراتيجية شاملة في كل المجالات ".
ونشرت وسائل التلفزة الصينية بشكل متكرر صور الرئيس السوري بشار الأسد والسيدة الأولى أسماء الأسد أثناء استقبالهما عند وصولهما إلى مطار بكين في 21 سبتمبر الجاري وهذه أول زيارة رسمية للأسد منذ نحو عقدين الى الدولة الحليفة وفي وقت يرتب الرئيس الاسد الاجواء للحصول على دعم لإعادة إعمار بلاده التي دمرتها الحرب.
وتعد الصين ثالث دولة غير عربية يزورها الأسد خلال سنوات النزاع المستمر في بلاده منذ العام 2011 بعد روسيا وإيران، أبرز حلفاء دمشق واللتين تقدمان لها دعماً اقتصادياً وعسكرياً غيّر ميزان الحرب لصالحها وتندرج هذه الزيارة في إطار عودة الأسد تدريجا منذ أكثر من سنة الى الساحة الدولية بعد عزلة فرضها عليه الغرب خصوصا بسبب قمعه الحركة الاحتجاجية في بلاده التي تطورت الى نزاع مدمر.
واستقبل الرئيس الصيني نظيره في هانج جو (شرق) اليوم الجمعة على هامش دورة الألعاب الآسيوية وقال شي وفق تقرير لشبكة "سي سي تي في" التلفزيونية الرسمية عن الاجتماع "سنعلن بصورة مشتركة اليوم إقامة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين وسوريا التي ستصبح محطة مهمة في تاريخ العلاقات الثنائية".
ووقف الأسد في مقابل الزعيم الصيني محاطاً بوفد مكوّن من تسعة أشخاص في غرفة مزيّنة بلوحة جدارية ضخمة تمثّل سور الصين العظيم وقد تمّ رفع العلمين الصيني والسوري.
وأضاف شي "في مواجهة الوضع الدولي المليء بعدم الاستقرار وعدم اليقين الصين مستعدّة لمواصلة العمل مع سوريا والدعم القوي المتبادل بينهما وتعزيز التعاون الودّي والدفاع بشكل مشترك عن الإنصاف والعدالة الدوليين".
والجدير بالذكر ان الصين التي تعدّ أحد حلفاء الرئيس السوري منحته دعمها في مجلس الأمن الدولي عبر الامتناع بانتظام عن التصويت على القرارات المعادية للحكومة السورية وأكد شي أنّ العلاقات بين البلدين "صمدت أمام اختبار التغيّرات الدولية"وأن "الصداقة بين البلدين تعزّزت بمرور الوقت".
ومن جهته أعرب الرئيس السوري عن تطلّعه لـ"دور الصين البنّاء على الساحة الدولية ونرفض كل محاولات إضعاف هذا الدور عبر التدخل في شؤون الصين الداخلية أو محاولات خلق توتر في بحر الصين الجنوبي أو في جنوب شرق آسيا".
وقال إنّ "هذه الزيارة مهمة بتوقيتها وظروفها حيث يتشكّل اليوم عالم متعدد الأقطاب سوف يعيد للعالم التوازن والاستقرار، ومن واجبنا جميعاً التقاط هذه اللحظة من أجل مستقبل مشرق وواعد".
وأضاف "أتمنى أن يؤسّس لقاؤنا اليوم لتعاون استراتيجي واسع النطاق وطويل الأمد في مختلف المجالات...".
وتشكّل هذه الرحلة خطوة دبلوماسية متقدمة للرئيس السوري الذي نادراً ما يغادر بلاده كما تكتسب أهمية بعد التظاهرات التي اندلعت أخيراً في مدينة السويداء في جنوب سوريا، للمطالبة برحيله.
وشهد العام الحالي تغيرات على الساحة الدبلوماسية السورية تمثلت باستئناف دمشق علاقتها مع دول عربية عدة على رأسها المملكة العربية السعودية واستعادة مقعدها في جامعة الدول العربية ثم مشاركة الرئيس السوري في القمة العربية في جدّة في مايو للمرة الأولى منذ أكثر من 12 عاما.
وتسارعت التحوّلات الدبلوماسية على الساحة العربية بعد اتفاق مفاجئ بوساطة صينية أُعلن عنه في مارس وأسفر عن استئناف العلاقات التي كانت مقطوعة بين السعودية وإيران.
وتأتي زيارة الأسد في وقت تلعب بكين دوراً متنامياً في الشرق الأوسط وتحاول الترويج لخطتها "طرق الحرير الجديدة" المعروفة رسميا بـ"مبادرة الحزام والطريق" وهي مشروع ضخم من الاستثمارات والقروض يقضي بإقامة بنى تحتية تربط الصين بأسواقها التقليدية في آسيا وأوروبا وإفريقيا وانضمت سوريا في كانون يناير 2022 إلى مبادرة "الحزام والطريق"وأدت الحرب في سوريا إلى تدمير هائل للبنية التحتية وتدمير العديد من القطاعات الحيوية للاقتصاد بما في ذلك النفط، فيما تخضع الحكومة السورية لعقوبات دولية قاسية.