وول ستريت جورنال: روسيا تصارع من أجل احتواء التضخم
• ارتفعت الأسعار في جميع المجالات في أغسطس 2023، وزادت تكلفة الفواكه والخضروات بنسبة 20% على أساس سنوي، بينما ارتفعت أسعار الدجاج بنحو 15% والبيض بنسبة 12%، وكان السفر إلى الخارج أكثر تكلفة بنحو 40% بعد الانخفاض الحاد في قيمة "الروبل" هذا العام.
• ارتفع معدل التضخم السنوي في روسيا إلى أكثر من الضعف ليصل إلى 5.2% في أغسطس من 2.3% في أبريل. وقفزت الأسعار السنوية المعدلة موسميًّا بنسبة 12.2٪ في يوليو مقارنة بيونيو 2023.
• من المتوقع أن يؤدي ضعف الطلب وانخفاض التحفيز الحكومي بعد الانتخابات الرئاسية إلى انخفاض التضخم الروسي إلى 4٪ بحلول النصف الثاني من عام 2024.
تناولت "وول ستريت جورنال" ملف الارتفاع السريع في الأسعار في روسيا، وكيف يشكل مصدر قلق للحكومة هناك، التي تسعى إلى حماية مواطني البلاد من تأثير وتداعيات الأزمة الروسية-الأوكرانية.
وأبرز تقرير للصحيفة تفاقم المعدلات على مستوى العالم، لكن في روسيا، اكتسب ارتفاع الأسعار اتجاهًا آخر؛ فوفقًا للبيانات الحكومية، حيث ارتفعت الأسعار في جميع القطاعات بنهاية أغسطس 2023، وزادت تكلفة الفواكه والخضروات بنسبة 20% على أساس سنوي، بينما ارتفعت أسعار الدجاج بنحو 15% والبيض بنسبة 12%، وأصبح السفر إلى الخارج أكثر تكلفة بنحو 40% بعد الانخفاض الحاد في قيمة "الروبل" هذا العام.
ومع بداية العام الدراسي الجديد في روسيا، اشتكى الآباء من ارتفاع مصاريف المستلزمات الدراسية، وقالوا إن الإنفاق على شراء الزي المدرسي لأطفالهم ارتفع إلى 15 ألف روبل في المتوسط، أو نحو 156 دولارًا، من 10 آلاف روبل في العام الماضي، وفقًا لمسح أجرته منظمة استطلاعات الرأي FOM في أغسطس الماضي.
وعليه، يراقب المستهلكون العروض التي يقدمها الباعة على منصة التواصل الاجتماعي الشهيرة (Telegram)؛ للحصول على تخفيضات على كل شيء، بدءًا من حقائب الظهر وحتى صلصة الطماطم.
وبشكل عام، ارتفع معدل التضخم السنوي إلى أكثر من الضعف ليصل إلى 5.2% في أغسطس من 2.3% في أبريل الماضي. وقفزت الأسعار السنوية المعدلة موسميًّا بنسبة 12.2٪ في يوليو مقارنة بيونيو، وفقًا للبنك المركزي الروسي.
ولمواجهة ارتفاع الأسعار، رفع البنك المركزي الروسي يوم أمس الجمعة، سعر الفائدة الرئيس إلى 13% من 12%. ويأتي ذلك بعد زيادة كبيرة في أسعار الفائدة في أغسطس لوقف عمليات البيع الحادة للروبل، وقال البنك إنه بصدد دراسة المزيد من الزيادات لمواجهة مخاطر التضخم.
وتشكل عودة التضخم مصدر قلق كبير للحكومة، التي سعت إلى حماية السكان المحليين من تأثير العقوبات الغربية؛ فقد تحدى الاقتصاد الروسي التوقعات الأكثر قتامة بفضل الإنفاق الحكومي الضخم وقدرة الكرملين على إيجاد شركاء تجاريين جددًا.
لكن موسكو تكافح على نحو متزايد من أجل الحفاظ على نشاط الاقتصاد دون تغذية الاختلالات والتضخم، وهي المعضلة التي أصبحت أكثر إلحاحًا مع استعداد الكرملين للانتخابات الرئاسية في مارس القادم.
ويقول محللون إن الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" يريد نتيجة ساحقة لصالحه، ففي حديثه يوم الثلاثاء الماضي، قال "بوتين" تعليقًا على حالة التضخم الاقتصادي في البلاد، إنه "إذا لم تتدخل السلطات، فسيؤدي ذلك إلى نمو تضخم خارج عن السيطرة"، وأضاف: "من المستحيل عمليًّا وضع خطط عمل في ظل ظروف التضخم المرتفع.. لا توجد قرارات جيدة، لكن هناك قرارات صعبة".
وأظهرت دراسة أجراها "البنك المركزي الروسي" أن التوقعات التضخمية بين الشركات الروسية في سبتمبر الجاري بلغت أعلى مستوياتها منذ القفزة الناجمة عن العقوبات العام الماضي، ومن المرجح أن تؤثر زيادات أسعار الفائدة على النشاط الاقتصادي وتهدئة نمو الائتمان، الذي كان يرتفع بمعدلات تزيد على 10%.
وقد يكون تأثير تشديد السياسة النقدية على أهدافها الفعلية -التضخم واستقرار العملة- محدودًا؛ حيث إن الزيادة الضخمة في أسعار الفائدة في شهر أغسطس، والتي جاءت بعد أن انتقد السياسيون الروسيون -علنًا- سياسة البنك المركزي للبلاد باعتبارها "فضفاضة للغاية"، فلم يؤدِ تشديد السياسة النقدية إلا إلى تعزيز العملة بشكل مؤقت.
ولا يزال الروبل منخفضًا بأكثر من 20% مقابل الدولار واليورو هذا العام. وقدر البنك المركزي في السابق أن كل انخفاض بنسبة 10% في الروبل يضيف نقطة مئوية واحدة إلى التضخم؛ حيث تصبح الواردات أكثر تكلفة بالروبل.
وقبل الأزمة الروسية-الأوكرانية، أثر البنك المركزي الروسي على قيمة الروبل باستخدام الاحتياطات للتدخل في أسواق العملات، كما شجع الأجانب على شراء أصول الروبل، مثل السندات الحكومية، بأسعار فائدة أعلى. وقد أدت العقوبات الغربية إلى إضعاف هذه الأدوات، وأصبحت قيمة الروبل ترجع -في الغالب- إلى عائدات الطاقة الروسية.
وعلّق "ديتمار هورنونج" -المدير الإداري المساعد في وكالة "موديز" لخدمات المستثمرين- وقال إن أسعار الفائدة المرتفعة ربما تكون الرافعة الوحيدة بيد الروسيين في الوقت الحالي، لكن فعاليتها محدودة للغاية نظرًا للقيود المفروضة على الاقتصاد الروسي.
وأدى ارتفاع التضخم إلى زيادة عدم المساواة بين الروسيين، كما سارعت الأسر الروسية الأكثر ثراء إلى "تخبئة" عشرات المليارات من الدولارات في حسابات مصرفية في الخارج منذ فبراير 2022؛ حيث تزداد قيمة هذه المدخرات عندما تنخفض قيمة الروبل.
وقالت "صوفيا دونيتس" -الخبيرة الاقتصادية الروسية في "رينيسانس كابيتال"- وقالت: "إن ذوي الدخل المنخفض لا يخسرون إلا من ارتفاع التضخم". وأضافت أنها تتوقع أن يؤدي ضعف الطلب وانخفاض التحفيز الحكومي بعد الانتخابات الرئاسية إلى انخفاض التضخم الروسي إلى 4٪ بحلول النصف الثاني من عام 2024، وفي المدن الكبرى؛ حيث الرواتب أعلى، يتم الشعور بزيادات الأسعار من خلال السلع المستوردة التي أصبحت الآن أكثر تكلفة.