تحقيق: الأسبارتام.. سرطان في السكر
جدل حول المحلى الصناعي الأكثر استخدامًا فى العالم.. الصحة العالمية تصنفها مادة مسرطنة محتملة.. وشعبة الأدوية: لا يوجد احصائيات حول حجم استخدامه.. وخبراء يسردون تاريخ الدراسات وتضارب الأبحاث.
"الأسبارتام" مُحلى صناعي يستخدم على نطاق واسع في العديد من منتجات الأطعمة والمشروبات منذ ثمانينيات القرن الماضي، ولكنه بات حديث الساعة مؤخرًا فى مختلف الأوساط الصحية العالمية، متصدرًا مؤشرات البحث، وذلك بعدما صنفته الوكالة الدولية لبحوث السرطان، على أنه مادة مسرطنة محتملة للبشر.
ذلك المُحلى الصناعي والذي يستخدم فى مشروبات الدايت واللبان والجيلاتين والآيس كريم ومنتجات الألبان مثل الزبادي وحبوب الإفطار ومعجون الأسنان والأدوية مثل قطرات السعال والفيتامينات- وفق منظمة الصحة العالمية، بات شبحًا محتملًا لواحد من أكثر الأمراض فتكًا فى تاريخ البشرية وهو "السرطان"، الذي يقتل واحد من كل 6 أشخاص كل عام.
شعبة الأدوية
رئيس شعبة الأدوية فى مصر على عوف علق على الجدل الدائر بشأن الاسبرتام، قائلًا إنه لا توجد إحصائيات لحجم استخدام المنتج فى مصر نظرًا لأنه لا يباع كمنتج منفصل ولكنه يدخل ضمن مكونات منتجات أخري، وأن القرارات التى تصدر عن منظمة الصحة العالمية بشأن الاسبرتام ملزمة لانها تتعلق بصحة وحياة الناس، مشيرًا إلى ضرورى نشر التوعية بين المواطنين، وفتح الباب أمام بدائل الاسبرتام التى لم يثبت أنها تنتج ضرراً.
البدائل الآمنة
الدكتورة رضوي نبيل، أستاذ التغذية بالقصر العيني، تقول أن الوكالة الدولية لأبحاث السرطان أدركت أن الأسبرتام مادة قد تكون مسببة للسرطان، في حين إن اللجنة المسئولة عن الأكل المضاف قالت أن الاسبرتام مادة أمنة إذا استخدمت فى حدودها المسموح بها من 0 إلى 40 مغ لكل كغ من كتلة جسم الإنسان.
وكشفت "نبيل"، أن الوكالة لديها نتائج محددوة من خلال أبحاث أجرتها على بعض البشر المصابين بالسرطان وعلاثة إصابتهم باستخدام الاسبرتام خصوصًا المصابين بسرطان الكبد، كما أن لديها نتائج مشابهة من خلال دراسات أجرتها علي الحيوانات، وهذا يجعلها تحتاج لمزيد من الأبحاث.
وأكدت " نبيل"، على ضرورة وجود دراسات جديدة للوقوف على الحد الامان لاستخدام الاسبرتام بشكل دقيق غير قابل للتغير كما يحدث كل فترة، خاصة أن هناك تزايد مستمر في نسب السرطان في العالم، مع وجود مادة الأسبرتام فى العديد من المنتجات الغذائية.
وأختتمت "نبيل" حديثها مطالبةً بضرورة التوقف عن تناول المواد الغذائية التى تحتوي على مادة "الأسبرتام" واستخدام البدائل الآمنة المتاحة، لحين وجود نتائج حاسمة حول تلك المادة المثيرة للجدل منذ سنوات طويلة.
دراسات غير دقيقة ونسب متغيرة
يقول الدكتور إسلام ياقوت استشاري التغذية العلاجية، أنه وفقًا لما هو صادر عن منظمة الصحة العالمية فإن "الاسبرتام" من المحتمل أن يكون مادة مسرطنة للبشر، وذلك فى حالة تجاوز نسبة معينة من الاستهلاك اليومي للمادة والتى يتم تحديدها وفقًا لوزن جسم الإنسان، فالجرعة أو المدخول المسموح بيه يتراوح ما بين 0 حتى 40 مغ لكل كغ من وزن الجسم.
وتابع "ياقوت" عوامل الخطورة تكمن فى أن تلك المادة يتم استخدامها على نطاق واسع، فهى موجودة فى المشروبات الغازية "الدايت"، وبعض الحلويات واللبان والعصائر وغيرهم، وبالتالى لا يستطيع الإنسان حساب حجم استهلاكه للوصول للمعدل الأمن، مضيفًا، الاسبرتام يعادل ٢٠٠ ضعف السكر العادي في التحلية، والبعض يستخدمه كبديل للسكر خاصة مرضى السكر أو فى حالات انقاص الوزن.
وأضاف، الأكثر خطورة أن الأمور لم تتضح بشكل كبير، فالاسبرتام مادة عليها خلاف منذ سنوات، هل هو مضر فقط، أم مضر ومسرطن، أو طبيعي، وظهرت عدة دراسات عام 1996 ربطت بين تلك المادة وبين العديد من الامراض، بعدها ثبت خطأ تلك الدراسة وعدم دقتها.
وتابع "ياقوت"، تغيرت الجرعة اليومية المسموح بها عند هيئة الأغذية والأدوية الامريكية FDA من 50 مغ لكل كغ حتى وقت قريب، ل40 مؤخرًا، وربما تنخفض تلك النسبة مع السنوات التالية مع مزيد من الابحاث والدراسة.
الاعتدال يقى من السرطان
"الاعتدال هو الأصل فى كل شيء" تقول دكتورة هدير زاهر أخصائي التغذية وعلاج السمنة، إن مادة "الأسبرتام" تعتبر بديل للسكر الطبيعي، لما لها من خواص تعطي الطعم المٌحلى دون إضرار السكر، خاصة من حيث السعرات الحرارية، ويكثر استخدامها من قبل مرضى السكر، وراغبي انقاص الوزن.
وتتابع "زاهر" تصنيف "الأسبرتام" من قبل الوكالة الدولية لبحوث السرطان باعتبارها مادة مسرطنة محتملة، يضعنا أمام مخاوف حقيقية من تلك المادة، ولكن قبل أن ننظر إلى المخاوف يجب أن نفهم أولًا حيثيات التصنيف، فالوكالة لم تضع "الأسبرتام" فى حالات الأستخدام الطبيعية ولكن فى حالات الإسراف.
وتوضح "زاهر" الاعتدال الذي تحدثت عنه هو ذاته الذي يشرح قرار الوكالة الدولية لبحوث السرطان، والتى جعلت الإسراف فى تناول "الأسبرتام" يعد مسرطن محتمل، والإسراف هنا ما يزيد عن 40 ملغ لكل كغم من كتلة جسم الإنسان، وهذه كمية كبيرة لا يمكن لشخص طبيعي إن يتناولها، والاستخدام الطبيعي للأسبرتام يعني إنه لا مشاكل منه.