الدكتور محمد سعيد عباس لـ ” النهار ” انضمام مصر إلى مجموعة ”بريكس” يعزز قدرة مصر في دعم تنميتها المستدامة
قال الدكتور محمد سعيد عباس أستاذ الموارد الطبيعية - كلية الدراسات الإفريقية العليا - جامعة القاهرة أن مجموعة "بريكس" نجحت في أن تخلق حالة من الزخم الإيجابي على الصعيد الدولي، وبما يشكل نواة حقيقية لإحداث التوازن بالمشهد الاقتصادي العالمي وبما يعيد رسم خرائط القوى المهيمنة، يفتح توسع المجموعة بإضافة ست دول (مصر والسعودية والإمارات وإيران وأثيوبيا والأرجنتين) الباب واسعاً أمام مجموعة من المتغيرات التي تعزز بدورها مكانة وتأثير التكتل على نحو واسع، وبما ينعكس على المشهد الاقتصادي العالمي برمته، في وقت يعول فيه على "بريكس" في إحداث تغيرات ملموسة وعملية على أرض الواقع فيما يخص إحداث ذلك التوازن المنشود وتنويع الشراكات والعلاقات الاقتصادية.
تجمع البريكس من أهم التجمعات الاقتصادية على مستوى العالم
وأضاف " عباس" يعد تجمع البريكس من أهم التجمعات الاقتصادية على مستوى العالم، والذي يضم في عضويته كلاً من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، و "بريكس" هي اختصار للحروف الأولى باللغة الإنجليزية للدول المكونة للمنظمة، وهي: البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، ويمثل التجمع نحو 30% من حجم الاقتصاد العالمي، و26% من مساحة العالم و43% من سكان العالم، وتنتج أكثر من ثلث إنتاج الحبوب في العالم، وأنشأت الدول الأعضاء بنك التنمية الجديد برأسمال 100 مليار دولار لتمويل مشاريع البنية الأساسية والتنمية المستدامة في الدول الأعضاء، فضلاً عن اقتصادات السوق الناشئة والدول النامية الأخرى.
ركائز مجموعة بريكس
ويرى" أستاذ الموارد الطبيعية " أن مجموعة "بريكس" تطورت إلى شراكة إستراتيجية متعددة التخصصات تقوم على ثلاث "ركائز" رئيسية - السياسة والأمن، والاقتصاد والتمويل، والثقافة والعلاقات الإنسانية، أن "بريكس" ليس مجرد تجمع اقتصادي عادى متوقعاً أن يكون لهذا التجمع سيكون له دوره في مواجهة التكتلات الاقتصادية العالمية وسيكون له دوره في التعاون الاقتصادي والاستثماري، تحظى دول مجموعة البريكس بعلاقات اقتصادية كبيرة مع مصر.
فرصة للحكومة فى للتوسع لجذب مزيد من الاستثمارات لمصر
وأشار " عباس " إلي أن مصر في يناير 2024، ستصبح مصر عضوا كامل العضوية في مجموعة البريكس هذا وقد سبقت مشاركة مصر في فعاليات قمة “بريكس” لعام 2017، وسط أكبر الاقتصاديات نموا في العالم، بما يمنح فرصة جيدة لمصر أهمها إعطاء الحكومة فرصة للتوسع في جذب مزيد من الاستثمارات لمصر وخاصة أنها أصبحت من الدول الواعدة للاستثمار، بجانب زيادة السياحة، فضلًا عن فتح أسواق جديدة لصادرات المصرية في هذه الدول، بالإضافة إلى الترويج للمشروعات القومية وإنشاء عدد من المشروعات في مجال الطاقة والبنية التحتية. كما أن هذه المشاركة تدل على تركيز العالم على تواجد دولة قوية وكبيرة مثل مصر، خاصة في ظل تحسن أداءها الاقتصادي والتوقع بأن يصبح لها مركز مالي كبير بين دول العالم قريبًا.
التوازن والتبادل التجاري السريع لإنعاش الاقتصاد
ويعطي هذا التكتل للدول الأعضاء نوعا من التوازن والتبادل التجاري السريع لإنعاش اقتصاداتها، فضلا عن تكوين احتياطيات لمعالجة مشكلة السيولة، وكيفية مواجهة الأزمات العالمية من خلال اقتصاديات الدول الأعضاء التي تعتبر الأكثر والأسرع نموا في العالم، وهناك بعد سياسي من هذا التحالف، ويتعلق بفكرة تكوين نموذج اقتصادي جديد متعدد الأقطاب في محاولة تكوين إستراتيجية اقتصادية جديدة متعددة الأقطاب بدلا من القطب الواحد.
عضوية مصر في البريكس سيكون له آثار إيجابية على الاقتصاد المصري
وشدد " عباس " على أن عضوية مصر في البريكس سيكون له آثار إيجابية على الاقتصاد المصري، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يتعرض لها العالم أجمع، يساهم في توفير فرصة تمويلية كبيرة لمصر، كما يسهم في فتح أسواق جديدة للحاصلات الزراعية والصناعية، حيث أن "مجموعة البريكس" تستهدف تحويل التجارة إلى عملات بديلة سواء وطنية أو إنشاء عملة مشتركة بما يساهم في تعزيز التبادل التجاري وزيادة حجم الاستثمارات.ويساهم بشكل كبير في توفير مصادر تمويل واستثمارات من مصادر مختلفة بما يؤدي لمزيد من الاستقرار الاقتصادي.كما أن الانضمام لمجموعة البريكس يعمل على تخفيف هيمنة الدولار بما يساهم في دعم عمليات الاستيراد الخارجي، لاسيما المواد الخام التي تدعم التصنيع المحلي.
انضمام مصر لمجموعة دول البريكس يساهم بشكل مباشر في الاستفادة من خبرات الدول
وإن قرار انضمام مصر لمجموعة دول البريكس يساهم بشكل مباشر في الاستفادة من خبرات الدول المشاركة في زيادة معدلات التصنيع والإنتاج. حيث تتيح اتفاقية تأسيس بنك التنمية التابع لتجمع البريكس لمصر، تعزيز اتفاق التبادل التجاري مع 68 دولة المتعاملين مع مجموعة البريكس، الاستفادة من المجالات التي تدخل في أنشطة البنك المتعددة، وفي مقدمتها دعم التنمية المستدامة وتعزيز التعاون والتكامل الإقليميين عبر الاستثمار في مجال البنية التحتية بشكل أساسي، والتي تشمل القطاعات الفرعية المختلفة في البنية التحتية مثل: الطاقة، والنقل، والمياه، والاتصالات. فضلا عن أن عمليات البنك تشمل قطاعي الصحة والبنية التحتية الاجتماعية، فضلا عن خفض الطلب على الدولار: تعمل دول “بريكس” على تشكيل أنظمة دفع بديلة وإنشاء عملة رقمية مشتركة وعملة احتياطية للتجارة العالمية من المحتمل أن تكون مدعومة بالذهب؛ إذ تعمل على التطوير التدريجي لنظام مالي بعيدًا عن الدولار الأمريكي، والتوسع في استخدام العملات المحلية في التبادل التجاري.
انضمام مصر إلى المجموعة يعزز قدرة مصر في دعم تنميتها المستدامة
عضوية مصر في بنك التنمية الجديد: انضمام مصر إلى المجموعة يعزز قدرة مصر في دعم تنميتها المستدامة ومعالجة قضايا السيولة من خلال عضويتها في بنك التنمية الجديد، خاصة وأن دول المجموعة تتمتع بإجمالي احتياطيات من النقد الأجنبي 4 تريليونات دولار أمريكي، وبالتالي تستطيع مصر تنويع مصادر تمويلها بإجراءات وشروط ميسرة بوصفه بديلًا اقتصاديًا مهمًا في مواجهة الشروط المشددة لمؤسسات الإقراض الأخرى كالبنك وصندوق النقد الدوليين.
انضمام مصر يعزز دورها المهم والمؤثر في أفريقيا
ويعد تعزيز دور مصر في العالم وأفريقيا حيث سيؤدى انضمام مصر إلى تعزيز دورها المهم والمؤثر في أفريقيا، من خلال الاتفاقيات التجارية فيما بينها، فتح قنوات استثمارية جديدة: تشير التوقعات إلى مزيد من الاستثمارات البينية ووضع دول كالهند على سبيل المثال على خريطة الاستثمار المصرية، كذاك تأمين السلع الإستراتيجية: تنتج دول البريكس ثلث إنتاج العالم من الحبوب، وأجرت مصر وروسيا والهند مناقشات في السابق فيما يتعلق بتداول القمح والأرز، إلى جانب سلع إستراتيجية أخرى، بالجنيه المصري والروبل والروبية بالاضافة الي تسوية المدفوعات الناتجة عن التجارة البينية بين مصر ودول المجموعة باستخدام عملاتها دون الحاجة للدولار أو اليورو أو الين، ستحصل مصر بالانضمام لـ"التجمع" على تأييد تسويقي في المحافل العالمية سواء عند اتخاذ قرار سياسي أو ترشيح مصري في المناصب الدولية، وستؤثر الاتفاقيات الموقعة بين مصر ودول "التجمع" على الاقتصاد العالمي بشكل إيجابي.
توسيع عضوية التجمع
وثمة مجموعة من التحديات أيضاً تفرض نفسها على التكتل، سواء تلك الداخلية المتعلقة بمدى التوافق بين الدول الأعضاء داخل المجموعة وطبيعة تعاملهم من الملفات والقضايا الرئيسية، وحتى العلاقات الثنائية بين الدول المختلفة داخلها، وكذلك التحديات الخارجية المرتبطة بالتطورات التي يشهدها العالم وجملة المتغيرات الواسعة الحالية أو القادمة.يظل نجاح دور تجمع البريكس في بناء نظام اقتصادي عالمي جديد، مرهوناً بتجاوز عدة تحديات رئيسية، من أبرزها وجود سياسة خارجية غير موحدة حيث قد تتَّفق بكين وموسكو على اتخاذ مواقف أكثر صرامةً ضد الغرب، لكن نيودلهي لا ترغب في انتقاد الغرب صراحةً ، التأثير المعاكس للنزاعات الداخلية حيث تُواجِه دول “بريكس” نزاعات وخلافات داخلية فيما بينها، منها خطة توسيع عضوية التجمع.
تكتل بريكس يُمثل قوة اقتصادية وجيوسياسية كبيرة
واختتم " عباس " تصريحه بالـتأكيد على أن تكتل بريكس يُمثل قوة اقتصادية وجيوسياسية كبيرة، وهناك رغبة كبيرة لدول كثيرة للانضمام إليه، خلاف فرصة الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها السلبية على نظام القطب الواحد، بالإضافة إلى تكشّف أنانية النظام العالمي الحالي، كل هذا سيحد - قطعا - من تأثير الدولار على الأقل خلال السنوات المقبلة، إضافة إلى أن هذا التكتل سيخلق حالة من التنافس العالمي كبيرة وطموحة ما يعود بالنفع على بعض اقتصاديات الدول الناشئة والواعدة، غير أنه سيدق ناقوس خطر للنظام العالمي الحالي لمراجعة سياسته من جديد، والأهم أنه سيُساعد دولا في حجز مكان في نظام عالمي جديد يتجه إلى تعدد الأقطاب..