ماكرون : استقبال المهاجرين يحمي فرنسا من التآكل الديموجرافي
تعد مسألة الهجرة من أكثر المواضيع الشائكة في المجتمع الفرنسي حولها تختلف أحزاب وتتفق أخرى خاصة فيما يتعلق بالهجرة غير الشرعية إذ يعارض البعض بشدة هذا النوع من الهجرة باعتباره يهدد الأمن والاستقرار، ولديه تداعيات اقتصادية واجتماعية كبيرة، لكن الجميع يغفل الدور الكبير الذي تلعبه الهجرة للحفاظ على التوازن السكاني في المجتمع الفرنسي، فلولا وجود المهاجرين لتراجع النمو الديموجرافي في فرنسا إلى أدنى مستوياته.
وهو واقع تشهده فرنسا منذ السبعينات، فعلى الرغم من أنها كانت تُعدّ أكثر البلدان خصوبة في أوروبا تواجه فرنسا اليوم تراجعاً في معدلات المواليد حيث بلغ معدل الإنجاب 1.8 طفل لكل امرأة في عام 2022، وهو أقل من الحد الطبيعي 2 الذي ينبغي أن يكون كي لا يؤدي إلى انخفاضها وهو ما حذر منه الرئيس الفرنسي ماكرون في مؤتمر انتخابي مساء امس الخميس .
وقد أظهرت دراسة جديدة نشرها معهد مونتين الفرنسي أهمية الهجرة في فرنسا على الصعيدين الديموجرافي والاقتصادي. وتبيّن الدراسة، التي صدرت في بداية الأسبوع الحالي، أن الهجرة ستكون ذات أهمية بالغة للديموجرافيا الفرنسية خلال السنوات المقبلة، وستصبح أكثر أهمية للاقتصاد أيضاً.
ومن جانبه يقول نائب مدير مؤسسة البحوث الاستراتيجية (FRS) برونو تيترايس استناداً إلى بيانات المعهد، إن هذه المساهمة لها تأثير ديناميكي يتمثل في زيادة حصة السكان الفرنسيين الناتجة عن الهجرة الأخيرة، موضحاً: "لقد شكلت الهجرة نحو ثلاثة أرباع النمو السكاني في عام 2022" مضيفاً : "تستعد فرنسا لتجربة انخفاض في عدد سكانها لا يمكن أن تملأه سوى الهجرة على المدى القصير والمتوسط".
يستمر عدد السكان في الارتفاع ووفقاً للمعهد الوطني للإحصاء INSEE، من المتوقع أن تصل فرنسا إلى "الذروة" في عام 2044 مع 69.3 مليون نسمة ثم ستستقر عند 68 مليون نسمة وهو نمو سكاني مستمر بفضل الهجرة.
تشكل هذه الظاهرة تحديات كبيرة، وتشير الدراسة نفسها إلى أن المهاجرين الذين هم عموماً أقل تعليماً، يدخلون سوق العمل بشكل أقل، وهو ما يحصل في فرنسا التي تتميز بهجرة أقل تأهيلاً نسبياً مقارنة بالهجرة في البلدان الصناعية الأخرى، وهو ما يفسر ارتفاع معدل البطالة بين المهاجرين.
ومن جهة أخرى، يعاني المهاجرون في فرنسا من التمييز الوظيفي، إذ يصل معدل توظيف هؤلاء أقل بعشر نقاط من معدل توظيف الأشخاص الذين ليس لديهم صلة بالهجرة. ففي دراسة أجريت عام 2015، أشار معهد مونتين إلى أن الرجل المسلم كان أقل حظاً بالحصول على وظيفة بأربع مرات مقارنة بشخص من ديانة مسيحية.
فرنسا بحاجة ماسة إلى إدارة الهجرة بطريقة فعالة وأكثر استدامة تضمن فيها اندماج المهاجرين في المجتمع وتوفر لهم فرصا عادلة. يجب مواجهة التحديات التي قد تنشأ من توجهات تمييزية أو اقتصادية، وضمان توفير الدعم اللازم للمهاجرين لتحقيق نجاحهم ومساهمتهم الإيجابية في النمو الديموجرافي والاقتصادي للبلاد.