الأحد 19 مايو 2024 10:39 مـ 11 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
الزمالك يحافظ على تقدمه بهدف أمام نهضة بركان قبل الـ15 دقيقة الأخيرة بالمباراة غدا..انطلاق فاعليات منتدى المناطق الصناعية الصديقة للبيئية في مصر «‏‎شباب سلة الأهلي» يتوج ببطولة الجمهورية التليفزيون الإيرانى يعلن الاتصال بأحد ركاب مروحية إبراهيم رئيسى وفرد من الطاقم جلسة تصوير لفاطمة ناصر في وسط القاهرة وتستعد لعمل عربي كبير قريبا الكشف على (927) مواطن لفعاليات قافلة جامعة المنصورة المتكاملة ”جسور الخير 21” بحلايب وشلاتين الفنانة المصرية سارة الصياد تقدم برامج تحفيز الشباب العربي في دبي طلاب قسم طيران هندسة المنصورة الجديدة تنفذ نفق هوائي (wind tunnel) لاستخدامه في تصميم اجنحه الطائرات بمختلف انواعها فتاة في قرية بالفيوم تقتحم صلاة جنازة متوفي وتطالب باسترداد دينها تفاصيل المؤتمر الصحفي للإعلان عن تفاصيل الدورة الأولى لمهرجان دراما رمضان زوجة تتخلص من طفل وتقتله وتلقي جثته من الطابق الثاني في بنها الزمالك يتقدم على نهضة بركان بهدف في الشوط الأول

مقالات

رجع الصدى

حسن خليل
حسن خليل



. . ما يغرس بالوعي في مراحل التكوين الأولى صعب أن تمحوه خطوات الزمن على صفحة الذاكرة .. أذكر على سبيل المثال تلك الرواية التي درسناها في المرحلة الثانوية من الأدب الإنجليزي ، وكان عنوانها ) القلعة (
.
. .. الرواية تحكي قصة طبيب شاب تخرج حديثا بعد دراسة شاقة للطب على الطريقة الإنجليزية الكلاسيكية .. شاءت ظروفه أن يكون مثاليا ومقدسا لمعنى الواجب ، ما انعكس بوضوح على رؤيته لعمل الطبيب بالذات كخادم للناس ، يرفع عنهم شيئا من معاناة المرض ويعمل في الوقت نفسه على توعيتهم بأحسن الطرق للمعيشة النظيفة الخالية من التلوث والأمراض المعدية .. وقد ساقه قدره للعمل في مرحلة التكليف الأولى بمنطقة فقيرة ومنعزلة ، وبها من أسباب المرض والهلاك الكثير مما يرتبط بالفترة التي وقعت فيها الرواية فعلا .. لكنه تقدم وصمم على المواجهة التي بدت صعبة من البداية إيمانا منه بواجبه المقدس ودوره الرسالي كطبيب .. وبالفعل تحرك صاحبنا بلا كلل أوملل بين الناس البسطاء الذين إزدحم بهم المكان .. تحيطه مظاهر البؤس والحرمان كأشباح كريهة تتنزه طول الوقت على جثث ميتة ! .. ولأنه لايملك عصا سحرية في مواجهة هذا الواقع الكالح ، من مياه ملوثة ومجاري مدمرة وتلوث شديد من المصانع التي تنفث سمومهافي جو المكان ، وضعف أسباب الرعاية الصحية فيه .. كان عليه أن ينفق مالديه من معرفة وعلم بالمجان وبأريحية كاملة تتناسب وطبيعته المثالية .. لكنه أدرك مع الوقت أنه ينفخ في قربة ممزقة بدون مساعدة الجهات المسؤولة ، التي أغطت الطرف عن هؤلاء المساكين الذين يقيمون بتلك الناحية .. وكما كان عليه أن يحارب بنفسه في جبهة المرض والأوبئة التي تحاصره ، وجد نفسه مضطرا في النهاية للدخول في معركة لم يكن يريدها أو يتمناها ، وهو المعروف بالحياء والبعد عن مظاهر الضوضاء الإجتماعية وطقوسها المرهقة لأمثاله .. وفي عدة إتجاهات توزعت قوته وتشتت جهوده لإنقاذ هؤلاء الناس وتحسين معيشتهم .. فمن المجلس الطبي بالمنطقة إلى الإدارة المحلية للمكان إلى المسؤولين عن تلك المصانع المتخلفةفي ضوابط السلامة الخ .. راح يصارع ويجالد في سبيل تحقيق المثال الذي يؤمن به كإنسان وطبيب .. وكم واجه من صعوبات ومشاكل وبيروقراطية عفنة تسد عليه الآفاق ، وتقف في وجهه كواقع قاتم وثقيل صعب تحريكه وتجديد ما تحته من حياة راكدة وآسنة .. !
.. السخرية منه كانت حاضرة ممن سبقوه للمكان ، وعرفوا خباياه المظلمة فآثروا السلامة والتعامل مع الأمور بواقعية مفرطة .. ومنهم من تواطأ مع صور من الفساد التي كانت ترسم المشهد القاسي وتدمغه باللإنسانية في سبيل الظفر بقدر من الرفاهية يتناسب مع حياته الخاصة كطبيب .. ومع شراسة المعركة وعدم المعين وتضافر كل عوامل اليأس والفشل ضده .. خارت قواه في النهاية وخبت الجذوة التي كانت تمده بالحماس والأمل ، فأعلن الهزيمة أمام ذاته .. وشيئا فشيئا طاوع الظلام الذي حوله وسار في ركابه طلبا للحياة التي خسر منها الكثير فيما مضى من وقت .. وحتى أولئك الذين كانوا يتعجبون من مثاليته وحماسه في الدفاع عما يؤمن به ، تعجبوا هم أنفسهم من إنقلابه على مبادئه الأولى ، ونكوصه عنها بهذه الصورة الفجة .. أما هو فكانت لديه قناعة قوية بهذا التحول المؤسف من اليمين لليسار ، وهو أنه لا مكان للمثل في عالم فاسد ، يقتات على النفاق ويتسلى بالقيم وكأنها أوراق الكوتشينة أو قطع الدومينو ..... !!!
.