الأحد 28 أبريل 2024 08:27 صـ 19 شوال 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
خطوبة تحولت لجنازة. مصرع عروسين ومصور انقلبت بهم السيارة في ترعة بقنا توتال إنرجيز تُطلق مرحلة «دوري المنتخبات» للمرة الأولى في تاريخ بطولة دوري مراكز الشباب لون الخياشيم.. الفرق بين الأسماك الطازجة والتالفة فعاليات فنية وثقافية متنوعة علي مختلف مسارح الاوبرا بالقاهرة والاسكندرية ودمنهور الزراعة : الفرق الإرشادية الريفية تتابع المحاصيل الاستراتيجية في شمال سيناء انطلاق ”ربيع الفنانين” بمشاركة 75 فنان و350 عمل فني .. 17 مايو حملة رقابية مُكبرة بمدينة العبور علي المخابز السياحية والأفرنجية للتأكد من إلتزام المخابز بإنتاج وبيع الخبز بالأوزان والأسعار المُعلنة محمد عبدالمنعم يكشف سر احتفاله المثير للجدل في فوز الأهلي على مازيمبي تفاصيل زيارة سعد لمجرد لقبر أنور وجدي وفريد الأطرش خالد الصاوي: أحتفظ بأرشيفي منذ 35 عاما والرقمية تخدم توثيق لحظات الفنان المهمة الصحافة الغانية تسلط الضوء على تصريحات مدرب دريمز: «الزمالك مثل ريال مدريد» بدون راحة.. الأهلي يواصل تدريباته استعدادًا لمواجهة الإسماعيلي

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: الحوار السياسى إلى أين؟!

الكاتب الصحفي أسامة شرشر- رئيس تحرير جريدة النهار
الكاتب الصحفي أسامة شرشر- رئيس تحرير جريدة النهار

الطلقة السياسية التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى بدعوته المفاجئة فى هذا التوقيت المهم، إلى ضرورة إجراء حوار سياسى، تعكس إحساس القيادة السياسية بما يدور من تساؤلات لدى المواطنين فى الشارع السياسى المصرى الذى يعج بأكبر نسبة من الأحزاب والقوى السياسية فى تاريخ هذا الوطن، وهى 115 حزبًا، ورغم ذلك فإن المحصلة النهائية لهذه الأحزاب والقوى السياسية أننا نعيش فى حالة فراغ سياسى حقيقى وعدم إحساس المواطن بوجود أحزاب أو قوى سياسية من الأساس.

وحتى نكون منصفين وموضوعيين، فإنه لو تم عمل استبيان فى الشارع المصرى عن عدد الأحزاب السياسية الموجودة لكانت الإجابة صادمة (صفر أحزاب).. وهذا يدل على أن هناك انفصامًا تامًّا وتباعدًا بين القاعدة الشعبية والأحزاب.

والتساؤل الطبيعى الآن: الحوار السياسى إلى أين؟ ولمن؟ وهل يكون هذا الحوار من خلال دعوة الرئيس لنقلة نوعية فى الحياة السياسية المصرية؟ أم سيقوم البعض بتفريغه من مضمونه ونعود للمربع صفر، وتكون المحصلة النهائية أننا نخلق حزبًا وطنيًّا جديدًا بعدما أسقطه الشعب المصرى فى كل ميادين التحرير فى 25 يناير؟!.

وحتى يكون هذا الحوار السياسى المهم نقطة تحول حقيقية، يجب أن يعرف الرأى العام من هم القائمون على تنفيذه وما أجندته، ليتحقق الهدف منه.. ونتمنى ألا يتم استبعاد أى أطراف وطنية مصرية حتى إذا كان هناك خلاف فى الرأى والتوجه السياسى.

وأتمنى ألا نرى النماذج والوجوه التى سئم الشعب المصرى تواجدها فى كل الحوارات السياسية السابقة على مائدة الحوار السياسى الجديد، الذى يبنى آفاقًا جديدة للدولة المصرية الجديدة من خلال محاور حقيقية قابلة للتنفيذ بعيدًا عن هيمنة الأحزاب الكرتونية التى ليس لها وجود فى الشارع المصرى.

وأخشى ما أخشاه، فى هذا الحوار السياسى الذى سيشكل خارطة طريق جديدة فى الإصلاح السياسى لإعادة شكل مصر الريادى فى هذا المجال، أن يتسلل إليه أصحاب الأجندات الخارجية والنماذج المتطرفة دينيًّا وبعض الأصوات الشاذة، خصوصًا أن هناك أحزابًا مثل حزب النور وحزب البناء والتنمية وحزب مصر القوية ما زالت قائمة ومعروفة أجندتها، وهى أكثر من الإخوان تطرفًا وأكثر كراهية للحوار فى حد ذاته.. فيجب الحذر من مثل هذه الأحزاب حتى يكون هذا الحوار السياسى نواة وأساسًا لانتخابات تشريعية وانتخابات مجالس محلية حقيقية من خلال اختزال الأحزاب السياسية فى حزبين أو ثلاثة يتم من خلال التنافس بينها تشكيل الحكومة وإحياء الحياة السياسية؛ حتى يعرف العالم أن مصر عادت بقوة لممارسة الدور السياسى داخل الدولة المصرية بكل حرية وديمقراطية واحترام للرأى الآخر وللمجتمع المدنى ومؤسساته.. وحتى لا يلاعبنا المجتمع الدولى من خلال ورقة الحريات وحقوق الإنسان كما تعود فعل ذلك.

فمصر الجديدة ليست مجرد عنوان، ولكن أتمنى أن تكون واقعًا جديدًا من خلال ممارسات سياسية حقيقية، وعودة الكتلة المعارضة داخل البرلمان، لتكون نموذجًا لتواجد الأغلبية والأقلية تحت قبة البرلمان، مثلما يجرى فى البرلمان الكويتى، ولن أقول البرلمانات الأوروبية، وكذلك أتمنى أن تعود الرقابة البرلمانية التى افتقدناها كثيرًا من خلال استجوابات تنحاز بموضوعية للشعب المصرى فى طرح قضاياه وهمومه ومشاكله والذود عن الوطن أمام أى هجمات خارجية، وأن يكون البرلمان والمجالس المحلية القادمة ليست مصدِّرة لأزمات فى الشارع المصرى، ولكنها صوت الشعب فى البرلمان، وسينعكس هذا فى كل المحافل العربية والإقليمية والدولية.

وهذا لن يتأتى إلا من خلال حوار سياسى نعترف فيه جميعًا بأنه لا توجد أحزاب أو قوى سياسية فاعلة على أرض الواقع، وهذا الاعتراف هو أول خطوة فى طريق الإصلاح السياسى الحقيقى الذى يؤسس لجمهورية جديدة مبنية على الأفكار والآراء والطروحات والبرامج السياسية التى تقبل الآخر والاختلاف والتنوع، ويكون الحاكم الرئيسى فيها هو الضمير الوطنى.

فأخشى ما أخشاه أن يتم تحويل دعوة الرئيس ذات البعد السياسى المستقبلى والهادف إلى مكلمة وفوضى سياسية ونكون قضينا على البقية الباقية من محاولات الحوار السياسى من خلال الاستماع إلى الرأى والرأى الآخر.. فكفانا كلامًا وكفانا شعارات، وآن وقت أن يُترجم الحوار السياسى لخلق كوادر سياسية حقيقية ومدارس حزبية لا تزيد على أصابع اليد الواحدة تكون وعاءً وصوتًا لاستيعاب كل الشباب المصرى والمرأة المصرية والرجال ذوى الخبرات السياسية التراكمية، وحتى يكون هذا الحوار قابلًا للتنفيذ على أرض الواقع، حتى لو تطلَّب الأمر إلغاء بعض التشريعات أو تعديل بعض مواد الدستور.

فالحوار ليس سياسيًّا فقط، ولكنه حوار قانونى ودستورى ولائحى، وذلك حتى يكون للدولة الجديدة أحزاب حقيقية تسابق الزمن والمتغيرات الداخلية والإقليمية والدولية فى عالم متعدد الأقطاب والقوى، والبقاء لن يكون فيه إلا للأصوات السياسية العاقلة والوطنية، والغرض من هذا الحوار أن يعرف الشعب المصرى الحقيقة من خلال كيانات سياسية تملك الحس السياسى والمصداقية والشفافية.

وحتى يكون الحوار السياسى هادفًا ومحققًا للإرادة الجمعية للشعب المصرى، أطالب بأن يكون الإعلام المصرى على مستوى المسئولية والحدث وأن يتعامل مع المعطيات الجديدة برؤية إعلامية مهنية جديدة؛ حتى لا يشعر الشعب المصرى أننا نخاطب بعضنا البعض؛ وهذه هى الطامة الكبرى للإعلام المصرى بكل أحداثه.
فارحموا هذا الشعب فى رمضان يرحمكم الله.