الجمعة 17 مايو 2024 04:41 صـ 9 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

مقالات

ماهر مقلد يكتب: الملك أحمد فؤاد.. الإرث الملهم

ماهر مقلد
ماهر مقلد

زيارة الملك أحمد فؤاد إلى مصر وحرصه على مشاهدة القصور الملكية والإرث التاريخى الذى يعود إلى عهد جده محمد على باشا زيارة مهمة وتضيف إلى الزخم الذى تمثله هذه الثروات النادرة التى تزخر بها مصر فهو شخصية جديرة بالاحترام.

فى عام 2005 توفيت الملكة ناريمان والدته، وأتذكر بعد أيام من وفاتها دخلت مكتب الكاتب الصحفى إبراهيم حجازى، رئيس تحرير مجلة الأهرام الرياضى، حيث تساءل: هل يُعقل أنه لا توجد فى أرشيف الأهرام ولا جميع الصحف معلومات عن الملكة ناريمان؟ وطلب منى أن أكتب موضوعًا يُنشر فى المجلة عن آخر ملكات مصر.

بدورى صعدت إلى الأرشيف وهو من أهم المكتبات فى العالم وطلبت ملف الملكة وكانت المفاجأة وجود خبر صغير يؤرخ لحدث وفاتها.

بدأت مهمة البحث عن المعلومات وكتبت موضوعًا عنها نشر، وكان هذا الموضوع بداية سلسلة من الحلقات نشرت تباعًا فى المجلة، وصارت فى كتاب تحت عنوان "ناريمان الملكة الأخيرة" نفدت طبعته فور صدوره وحقق مردودًا كبيرًا على مستوى التوزيع والإعلانات.

وخلال رحلة جمع المعلومات ترددت على شقة الملكة فى أرض الجولف بمصر الجديدة وجلست غلى الزوج الدكتور إسماعيل باشا فهمى وهو كان لواء طبيبًا بالقوات المسلحة ويمتلك معملًا للتحاليل فى باب اللوق وكان يرحمه الله رجلًا وديعًا لطيفًا وساعدنى أنا وزميلى المصور الصحفى سمير الغزولى فى مقابلة نجل الملكة الثانى المحامى أكرم النقيب، يرحمه الله، حيث سافرنا إلى الإسكندرية وتقابلنا معه وكان متعجبًا من الاهتمام ويسأل: لماذا المجلة هى التى تنشر وليس الجريدة؟ ويربط بين هذا بتعليمات عليا، فأوضحت له أن الأمر ليس هكذا وأن رئيس التحرير فى المجلة فكر فى الأمر.

بعدها دشن صفحة على الشبكة الرقمية واستعان بالمعلومات التى نشرت فى الكتاب.

أتذكر عندما زار الأهرام الملك أحمد فؤاد وجلس على مائدة الديسك المركزى فى صالة التحرير وكان رئيس تحرير الأهرام الكاتب الصحفى أسامة سرايا وفى حضور الكاتب الكبير أنيس منصور أن صافحت الملك وعرفته بنفسى فقال «كتابك أحتفظ به فى مكتبتى فى سويسرا».

تزوجت الملكة ناريمان فاروق ملك مصر والسودان فى السادس من مايو أيار 1951 ثم زلزلت ثورة الضباط الأحرار العرش يوم 23 يوليو تموز 1952 وانتهى حكم أسرة محمد على بسرعة لم يتوقعها أحد، فبعد تنازل الملك فاروق عن عرشه بثلاثة أيام غادر وزوجته مصر يوم 26 يوليو متوجهين إلى إيطاليا. حملت ناريمان حسين صادق لقب آخر ملكة مصرية ولكن الدراما التى يرويها الكتاب بدأت فصولها قبل ذلك.

ففى سن السادسة عشرة كانت ناريمان على وشك أن تخطب لشخص آخر وتم طبع دعوات الخطبة وتوزيعها على 500 مدعو لولا ظهور الملك فاروق فى حياتها وهى تتفحص برفقة خطيبها زكى هاشم خاتم الخطبة فى أحد محال المجوهرات بوسط القاهرة فاستدارت عربة القدر فى اتجاه آخر.

والد ناريمان التى كانت لا تزال طالبة فى مدرسة الأميرة فريال الثانوية اعترض على زواجها بفاروق إذ كان يخشى عليها من "شخصية الملك" الذى اشتهر بنزواته وتقلباته خاصة بعد انفصاله عن زوجته السابقة صافيناز ذو الفقار (الملكة فريدة) أم بناته الثلاث.

الملكة ناريمان فرحت بالثورة التى أنهت جلوسها على العرش ولم تكن سعادتها انطلاقًا من وازع وطنى بل من تصور شخصى خيل إليها أن مسئوليات الحكم هى التى كانت تشغل الملك عنها وبعد الثورة قالت لنفسها "الآن سوف أسترد زوجى." لكن خلافات ناريمان مع فاروق فى إيطاليا أدت إلى عودتها لمصر "تاركة الأمير الصغير أحمد فؤاد فى حضانة الملك (السابق) وبعد مرور ثلاثة أشهر على الطلاق تزوجت للمرة الثانية من الدكتور أدهم النقيب، ثم انهار الزواج الثانى الذى أثمر طفلًا. وبعد عام على الطلاق الثانى تزوجت ناريمان للمرة الثالثة الطبيب إسماعيل باشا فهمى فى تجربة شهدت استقرارا عائليا إذ ظلت فى عصمته حتى وفاتها يوم 16 فبراير 2005 عن 72 عاما. وتوفى فاروق فى المنفى عام 1965 بعد حياة حافلة منذ تولى ملك مصر خلفًا لوالده فؤاد الأول الذى توفى عام 1936.

ناريمان التى عاشت أكبر حدث سياسى فى تاريخ مصر ليلة الثورة ظلت ترفض الكلام عن تجربتها مع فاروق قبل الثورة أو بعدها تاركة أسئلة الناس بلا إجابة عن رجال فاروق من المصريين أو الأجانب وعن السهرات التى أغضبتها فى إيطاليا وعن المجوهرات التى يشاع أن فاروق نقلها معه إلى المنفى.